شهدت الساحة التشريعية المصرية خلال السنوات الأخيرة جدلاً واسعاً حول مصير قوانين الإيجار القديمة، خاصة في ظل ما يُعرف بعدم عدالة العلاقة بين المالك والمستأجر. ومع إقرار قانون الإيجار الجديد الذي بدأ تطبيقه قبل سنوات، تجدد الحديث عن الجدول الزمني لإنهاء العمل بالقوانين القديمة، حيث أكد المشرعون أن هذه القوانين سيتم إلغاؤها نهائياً بعد مرور سبع سنوات كاملة من تطبيق النظام الجديد. هذا التطور يمثل خطوة محورية في إعادة التوازن إلى سوق العقارات المصري، وتحقيق العدالة بين الأطراف.
قوانين الإيجار القديمة تعود إلى عقود مضت، وجرى إقرارها في ظروف استثنائية:
وُضعت في الأساس لحماية المستأجرين محدودي الدخل بعد فترات الحروب والأزمات الاقتصادية.
سمحت بتثبيت قيمة الإيجار لسنوات طويلة، دون زيادات تتناسب مع التضخم أو تغير الظروف الاقتصادية.
منحت المستأجرين وأسرهم حق الامتداد في العقد مدى الحياة تقريباً، وهو ما قلّص حقوق الملاك.
ومع مرور الوقت، اعتبرها كثير من الخبراء غير منصفة للمالك، حيث ظل يتقاضى مبالغ زهيدة لا تتجاوز بضعة جنيهات مقابل وحدات سكنية أو تجارية تقع في مواقع استراتيجية.
القانون الجديد جاء ليعيد صياغة العلاقة بين المالك والمستأجر على أسس عادلة:
نص على زيادة تدريجية في الإيجار، بما يتناسب مع قيمة العقار الحقيقية.
حدد جداول زمنية لإنهاء عقود الإيجار القديمة.
أعاد للمالك الحق في استرداد وحدته بعد فترة محددة.
أقر مبدأ تحرير العلاقة الإيجارية بما يتيح التعاقد بالاتفاق الحر بين الطرفين.
وبذلك، لم يعد المستأجر محمياً بلا سقف زمني، ولم يعد المالك مقيداً بعقد ممتد إلى أجل غير معلوم.
تحديد مدة سبع سنوات قبل إلغاء القوانين القديمة نهائياً لم يأتِ من فراغ:
الهدف هو إعطاء المستأجرين فترة انتقالية لتوفيق أوضاعهم.
إتاحة الفرصة أمام الدولة لوضع برامج بديلة أو حلول اجتماعية للفئات الأضعف.
ضمان استقرار سوق العقارات وعدم حدوث صدمة مفاجئة في الأسعار.
تحقيق توازن تدريجي بين حقوق المالكين ومصالح المستأجرين.
الملاك كانوا من أكثر الفئات المتضررة من القوانين القديمة، ومع الإلغاء المنتظر سيحصلون على:
استعادة وحداتهم بعد سنوات من التجميد.
الاستفادة من القيمة السوقية الحقيقية للعقارات.
القدرة على الاستثمار أو البيع أو إعادة التأجير بأسعار عادلة.
إنهاء النزاعات القضائية الطويلة مع المستأجرين.
على الجانب الآخر، يمثل الإلغاء تحدياً كبيراً للمستأجرين:
قد يضطر بعضهم للانتقال إلى مناطق أقل سعراً.
سيواجهون تكاليف أعلى في حال الرغبة في البقاء بنفس المنطقة.
بعض الأسر القديمة قد تجد صعوبة في التكيف مع الأسعار الجديدة.
لكن في المقابل، سيتاح لهم التعاقد بعقود واضحة ومحددة المدة، ما يعزز الاستقرار القانوني.
إلغاء قوانين الإيجار القديمة سيكون له تأثير مباشر على الاقتصاد:
زيادة المعروض من الوحدات السكنية والتجارية بعد تحريرها.
ارتفاع قيم الاستثمارات العقارية.
تحسين موارد الدولة من الضرائب العقارية.
تقليل السوق السوداء والوساطات غير الرسمية.
بعض الأسر التي كانت تستفيد من عقود الإيجار القديمة بأسعار زهيدة ستتأثر بشدة.
الحكومة مطالبة بتقديم برامج دعم للفئات الأضعف.
الجمعيات الأهلية قد تلعب دوراً في مساعدة المتضررين.
في المقابل، سيتحقق قدر من العدالة بين المالك الذي حُرم من حقه والمستأجر الذي استفاد لعقود طويلة.
آلاف القضايا المنظورة أمام المحاكم بين ملاك ومستأجرين.
الحاجة إلى آليات واضحة لإنهاء العقود بشكل تدريجي.
ضرورة إصدار لوائح تنفيذية دقيقة لتفادي الالتباس.
ضمان عدم استغلال الثغرات القانونية للإضرار بأي طرف.
الملاك يرون أن هذه الخطوة طال انتظارها.
بعض المستأجرين يعتبرون أن إلغاء القوانين تهديد لمعيشتهم.
خبراء يرون أن الحل الأمثل هو التدرج وربط الإيجار بالقيمة السوقية العادلة.
مصر ليست الدولة الوحيدة التي واجهت هذه الإشكالية:
في بعض الدول الأوروبية جرى تحرير العلاقة الإيجارية تدريجياً مع تعويض المستأجرين.
في دول أخرى، فرضت الدولة بدائل مثل الإسكان الاجتماعي.
التجارب تثبت أن التدرج هو السبيل الأفضل لتفادي الأزمات الاجتماعية.
إلغاء قوانين الإيجار القديمة بعد مرور سبع سنوات من تطبيق القانون الجديد يمثل تحولاً تاريخياً في سوق العقارات المصري.
القرار يحقق العدالة ويعيد التوازن بين المالك والمستأجر.
ستكون له انعكاسات اقتصادية إيجابية على الاستثمار.
لكنه في الوقت نفسه يفرض تحديات اجتماعية تحتاج إلى إدارة حكيمة.
المرحلة المقبلة ستكون اختباراً حقيقياً لقدرة الحكومة على تنفيذ القانون الجديد بمرونة، وضمان انتقال سلس من النظام القديم إلى نظام أكثر عدلاً واستدامة.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt