لا يزال الجدل مستمرًا في الشارع المصري بشأن قانون الإيجار القديم، وسط ترقب شديد من الملاك والمستأجرين لأي تطور رسمي في هذا الملف الذي يعتبر من أكثر القضايا الاجتماعية حساسية وتعقيدًا.
ومع اقتراب نهاية المهلة المحددة من المحكمة الدستورية لتعديل هذا القانون، خرج رئيس لجنة الإسكان في مجلس النواب النائب محمد عطية الفيومي بتصريحات تكشف آخر تطورات المناقشات، وتوضح موقف الحكومة والبرلمان من اتخاذ خطوات حاسمة في هذا الاتجاه.القانون المرتقب لا يمس فقط العلاقات التعاقدية، بل يمتد تأثيره ليشمل البعد الاجتماعي والاقتصادي لملايين الأسر، ما بين ملاك لا يستطيعون التصرف في أملاكهم، ومستأجرين يعيشون في ظل قانون يمنحهم الحماية منذ عقود طويلة، مقابل إيجارات رمزية. فما الجديد؟ وماذا يحدث داخل أروقة البرلمان؟ ومتى يظهر القانون المنتظر إلى النور؟
أكد النائب محمد عطية الفيومي، رئيس لجنة الإسكان في مجلس النواب، أن الحكومة حتى الآن لم تتقدم بأي مشروع قانون لتعديل أو تحديث قانون الإيجار القديم، رغم اقتراب نهاية المهلة التي منحتها المحكمة الدستورية لتنفيذ التعديلات المطلوبة.
وأوضح الفيومي أن الحكومة كانت قد طلبت مهلة زمنية لتقديم تصور متوازن يأخذ في الاعتبار حقوق الملاك والبعد الاجتماعي للمستأجرين، إلا أن اللجنة لم تتسلم حتى الآن أي مشروع رسمي من الحكومة بهذا الشأن. وشدد على أن البرلمان مستعد لمناقشة أي مشروع فور تقديمه، لكن التأخير من جانب الحكومة قد يدفع النواب إلى إعداد مشروع قانون برلماني لعرضه ومناقشته خلال الدور الحالي.
وأشار الفيومي إلى أن الحكومة مطالبة بتقديم إحصائيات دقيقة وواضحة بشأن عدد الوحدات المؤجرة وفقًا لهذا النظام، وكذلك تصنيف الفئات المستأجرة من حيث الدخل، والحالة الاجتماعية، ومدى الحاجة الفعلية إلى الحماية من التغيير المفاجئ.
كما أشار إلى أهمية وجود خطة بديلة للمستأجرين محدودي الدخل، خاصة في المناطق الشعبية، حتى لا يؤدي تنفيذ القانون إلى كارثة اجتماعية. ولفت إلى أن مشروع الإسكان الاجتماعي التابع لوزارة الإسكان يمكن أن يكون أحد الحلول المطروحة لتوفير وحدات بديلة لمن يثبت أنهم غير قادرين على تحمل التكلفة الجديدة.
تُعد قضية الإيجار القديم من أكثر القضايا التي يتشابك فيها الجانب القانوني بالجانب الإنساني. فمن ناحية، هناك ملاك لا يحصلون على عائد عادل من ممتلكاتهم، بل إن بعضهم يعيش في الإيجار بينما يؤجر شقته القديمة بثلاثة جنيهات. ومن ناحية أخرى، هناك مستأجرون يعيشون في تلك الوحدات منذ عقود، ويعتبرونها موطنهم الوحيد، ولا يملكون القدرة المادية على التعامل مع أسعار الإيجارات الحالية أو تملك سكن بديل.
القانون الحالي تم سنّه في سياق تاريخي مختلف، حين كانت مصر تعاني من نقص حاد في المعروض العقاري، وكان لزامًا على الدولة حماية المواطنين من التشرد وغلاء المعيشة. لكن الوضع الآن تغيّر تمامًا. المعروض العقاري أصبح متاحًا، والدولة تبني آلاف الوحدات الجديدة سنويًا، والأسعار في السوق شهدت قفزات هائلة لا تعكسها الإيجارات القديمة بأي شكل من الأشكال.
لكن الإشكالية الكبرى في هذا الملف هي أن الحل ليس قانونيًا فقط، بل يحتاج إلى فهم اجتماعي وسياسي للواقع. تغيير هذا القانون لا يعني فقط كتابة مادة جديدة، بل يحتاج إلى:
حماية الفئات الأضعف من التعرض للطرد دون بديل.
ضبط إيقاع التغيير بما لا يخلق أزمة جديدة بدلًا من حل قديم.
وجود حلول عملية مثل التعويض أو الإحلال أو التمليك العادل.
يجب أن يكون هناك تمييز بين من يسكن في وحدة صغيرة بالكاد تكفي أسرته، ومن يسكن في شقة فاخرة بموقع متميز ويستفيد من القانون بشكل غير عادل. هذا التمييز هو جوهر العدالة التشريعية، وهو ما يجب أن يُبنى عليه القانون الجديد.
بعض أعضاء البرلمان عبّروا عن استيائهم من تأخر الحكومة في تقديم مشروع القانون، واعتبروا أن هذا الملف أصبح "سياسيًا" أكثر من كونه تشريعيًا، إذ تتردد الحكومة في طرح القانون بسبب حساسية الرأي العام، خاصة من المستأجرين الذين يرون في أي تغيير تهديدًا مباشرًا لأمنهم السكني.
في المقابل، طالب عدد من نواب البرلمان بضرورة تسريع الإجراءات ووضع حد نهائي لهذا القانون الذي وصفوه بـ"المجحف بحقوق الملاك"، مؤكدين أن بقاء الوضع الحالي أصبح غير منطقي في ظل التغيرات الاقتصادية وارتفاع أسعار العقارات.
أما في الشارع، فتنقسم الآراء بين مستأجرين يخشون فقدان مساكنهم أو زيادة الإيجار إلى أرقام فلكية لا تناسب دخولهم، وبين ملاك ينتظرون بفارغ الصبر استعادة حقوقهم في التصرف في ممتلكاتهم.
في ظل هذه الأجواء، يُنصح جميع الأطراف باتباع ما يلي:
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt