لماذا رفعت الحكومة سعر البنزين والسولار رغم انخفاض البترول عالميًا؟
رغم إعلان عدد من الجهات الدولية تراجع أسعار البترول في السوق العالمي خلال الشهور الأخيرة، فوجئ المواطنون في مصر بقرار رسمي صادر عن الحكومة برفع أسعار البنزين والسولار بدءًا من أبريل 2025، وهو ما أثار موجة من التساؤلات والجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، وداخل الشارع المصري. القرار جاء في وقت يعاني فيه المواطن من أعباء معيشية كبيرة، وهو ما دفع الجميع لطرح السؤال الأهم: ليه الأسعار بتزيد هنا، والبترول نزل بره؟
الأسعار الجديدة للوقود
جاءت الأسعار الجديدة للبنزين والسولار كالتالي:
-
بنزين 80: ارتفع إلى 11 جنيهًا للتر
-
بنزين 92: وصل إلى 12.5 جنيهًا
-
بنزين 95: أصبح 13.5 جنيهًا
-
السولار: ارتفع إلى 10 جنيهات للتر
الزيادة تم اعتمادها رسميًا بدءًا من صباح الجمعة 11 أبريل 2025، لتصبح سارية على جميع محطات الوقود في أنحاء الجمهورية.
رد الحكومة الرسمي
في بيان عاجل، أوضحت لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية أن قرار رفع الأسعار جاء بعد مراجعة دورية للمتغيرات العالمية في أسعار الخام، وسعر صرف الجنيه أمام الدولار، وتكاليف النقل والتوزيع والتكرير داخل مصر.
وأكدت اللجنة أن السعر المحلي للوقود لا يُحتسب فقط بناءً على سعر البرميل عالميًا، وإنما يرتبط بمجموعة معقدة من العوامل التي تتغير باستمرار، أبرزها سعر الصرف، ونسبة الدعم، وكلفة التشغيل الداخلي.
أول سبب: العقود الآجلة وليس السعر الفوري
قالت مصادر مطلعة إن مصر تستورد نسبة كبيرة من احتياجاتها البترولية عبر "عقود آجلة"، أي بأسعار يتم تحديدها قبل شهور بناءً على تقديرات السوق.
وبالتالي، فإن الانخفاض الحالي في الأسعار العالمية لم يظهر تأثيره بعد على التعاقدات التي أبرمتها الدولة منذ شهور بأسعار أعلى، مما يجعل التكلفة الحقيقية الحالية لا تزال مرتفعة.
ثاني سبب: ارتفاع تكلفة التكرير والنقل
أوضحت وزارة البترول أن تكلفة تحويل الخام المستورد إلى منتجات بترولية داخل المصافي، ثم نقلها عبر شبكات التوزيع، ثم تشغيل المحطات، كلها عمليات مكلفة، وتتأثر بارتفاع أسعار الكهرباء، الأجور، والخدمات اللوجستية.
وذكرت أن الحكومة تسعى إلى تطوير هذه المنظومة لكن الأمر يتطلب تمويلًا ضخمًا، والزيادة الأخيرة في الأسعار تساعد على تغطية هذه التكاليف جزئيًا.
ثالث سبب: انخفاض قيمة الجنيه
من أهم العوامل المؤثرة في تسعير الوقود هو سعر صرف الجنيه أمام الدولار، حيث شهدت مصر خلال الفترة الماضية تراجعًا ملحوظًا في قيمة العملة المحلية، مما جعل تكلفة الاستيراد ترتفع حتى لو السعر العالمي انخفض.
بمعنى بسيط: الدولة بتدفع أكتر عشان تجيب نفس الكمية من البترول بالدولار، والجنيه بيشتري أقل، فبيتم تعويض الفارق برفع السعر محليًا.
رابع سبب: الالتزام مع صندوق النقد
ضمن خطة الإصلاح الاقتصادي المتفق عليها مع صندوق النقد الدولي، تلتزم الحكومة المصرية بمراجعة أسعار الوقود كل ثلاثة أشهر، بهدف الوصول لسعر يعكس التكلفة الحقيقية تدريجيًا وتقليل الدعم المقدم من الدولة.
وهذه الخطوة هدفها تقليل عجز الموازنة وتوفير موارد لدعم قطاعات أخرى زي الصحة والتعليم، خصوصًا مع الظروف الاقتصادية الصعبة اللي بتمر بيها البلاد.
خامس سبب: استمرار دعم المنتجات البترولية
رغم زيادة الأسعار، إلا أن الحكومة لا تزال تتحمل جزءًا كبيرًا من تكلفة بعض المنتجات، وعلى رأسها السولار، الذي يُستخدم في النقل والمصانع والمخابز.
وقدّرت وزارة البترول حجم الدعم المُقدّم للوقود خلال النصف الأول من 2025 بنحو 21 مليار جنيه، ما يعني أن الدولة مازالت تدعم الأسعار، وإن كانت بشكل أقل من السنوات السابقة.
سادس سبب: استهلاك ضخم وزيادة الطلب
مصر بتستهلك كميات كبيرة جدًا من الوقود يوميًا، ومع تزايد عدد السكان، والنمو العمراني، والتوسع في مشروعات النقل والبنية التحتية، ارتفع الطلب الداخلي بشكل ملحوظ، ما يفرض على الحكومة توفير كميات أكبر بتكلفة أكبر.
سابع سبب: مديونيات سابقة وتكلفة الاستيراد
بحسب تصريحات رسمية، فإن الهيئة العامة للبترول تتحمل مديونيات كبيرة لصالح شركات عالمية، نتيجة لاستيراد كميات ضخمة من المنتجات.
وتسعى الدولة لتقليص هذه الديون تدريجيًا، عبر تقليل الفجوة بين تكلفة الاستيراد وسعر البيع المحلي، تجنبًا لتفاقم الأزمة.
تفاعل المواطنين
الشارع المصري انقسم ما بين مؤيد ومعارض للقرار، فبينما اعتبره البعض ضرورة اقتصادية، رأى آخرون أن التوقيت غير مناسب إطلاقًا.
قال أحد المواطنين: "كل حاجة بتزيد، حتى المواصلات هتتأثر، واحنا مش لاحقين على المصاريف"، بينما أضاف آخر: "طالما الدولة بتقول إنها لسه بتدعم، يبقى ده جزء من خطة طويلة، بس محتاجة شرح أكتر للناس".
تأثير الزيادة على الحياة اليومية
بمجرد إعلان القرار، بدأ بعض السائقين في تعديل أجرة المواصلات، خاصة في سيارات النقل والتاكسي والميكروباص.
كما توقع خبراء أن تؤثر الزيادة في السولار تحديدًا على أسعار الخضروات، المنتجات الغذائية، والشحن، خلال الأسابيع المقبلة، وهو ما يزيد الضغط على المستهلك النهائي.
هل ستتكرر الزيادات قريبًا؟
وفقًا للآلية التي تعتمدها لجنة التسعير التلقائي، يتم مراجعة الأسعار كل 3 شهور، بناءً على السوق العالمي والمحلي.
ولو استمر سعر الدولار في الارتفاع، أو ظلت تكاليف الاستيراد مرتفعة، فقد يتم إعلان زيادات جديدة خلال الربع القادم، لكن في المقابل، لو انخفضت التكاليف، ممكن تشهد الأسعار استقرارًا أو تخفيضًا.
توصيات للمواطنين
في ظل هذه الظروف، يُنصح باتباع بعض الخطوات البسيطة لتقليل التأثير:
-
تقليل استخدام السيارات الخاصة والاستخدام المشترك للوسائل
-
متابعة الأسعار الرسمية والتأكد من عدم التلاعب في الأجرة
-
الاعتماد على وسائل النقل العامة متى أمكن
-
تخطيط الاستهلاك المنزلي من الكهرباء والغاز بشكل أكثر كفاءة
خلاصة
رغم انخفاض أسعار البترول عالميًا، جاء قرار رفع البنزين والسولار في مصر نتيجة لعوامل داخلية وخارجية، منها تراجع الجنيه، ارتفاع تكاليف الاستيراد والتكرير، الالتزامات مع صندوق النقد، وسعي الحكومة لتقليل الدعم تدريجيًا.
وبينما تتفاوت ردود فعل المواطنين، تؤكد الحكومة أن هذا جزء من خطة إصلاح اقتصادي طويلة المدى، الهدف منها تحقيق التوازن المالي وضمان استدامة الدعم لمن يستحق.