تتصدر التعديلات الجديدة التي أقرّها مجلس النواب المصري على قانون الإيجار القديم اهتمامات ملايين المواطنين، سواء من الملاك أو المستأجرين، خاصة بعد سنوات طويلة من الجدل والمناقشات حول ضرورة إعادة تنظيم العلاقة بين الطرفين بما يحقق توازنًا حقيقيًا بين حق السكن وحق الملكية.
وجاء قانون الإيجار القديم لعام 2025 ليفتح بابًا جديدًا في هذا الملف الحساس، حيث حمل في بنوده تعديلات حاسمة، أهمها تحديد مدة العقد بحد أقصى 7 سنوات في الحالات السكنية غير الخاضعة لقوانين الإيجار الحديث، إضافة إلى النص على حالات محددة تجيز للمؤجر إنهاء العقد وطرد المستأجر بشكل فوري دون الحاجة للجوء إلى إجراءات مطولة.
هذا التغيير التشريعي لم يكن مفاجئًا، بل هو نتيجة طبيعية لضغوط متراكمة من الملاك الذين اعتبروا أن القوانين القديمة أضرت بحقوقهم المالية والقانونية، وكذلك نتيجة محاولات الدولة لتسوية هذا الملف الذي ظل عالقًا منذ عقود دون حل جذري.
وفقًا للتعديلات الأخيرة التي دخلت حيز التنفيذ بداية من يوليو 2025، جاءت أبرز النقاط كالتالي:
تحديد مدة عقد الإيجار القديم السكني بـ 7 سنوات فقط تبدأ من تاريخ تحرير العقد.
بعد انتهاء مدة العقد، لا يُجدد الإيجار تلقائيًا إلا باتفاق جديد بين الطرفين وفق شروط السوق.
إتاحة الفرصة للملاك لرفع القيمة الإيجارية تدريجيًا خلال فترة سريان العقد بنسبة لا تتجاوز 15% سنويًا.
في حال امتناع المستأجر عن دفع الإيجار لمدة تتجاوز 3 أشهر متتالية، يحق للمؤجر إنهاء العقد فورًا.
الحالات الاجتماعية والإنسانية يتم التعامل معها عبر لجنة خاصة من وزارة التضامن الاجتماعي لضمان عدم الإضرار بالأسر الأولى بالرعاية.
حدد القانون مجموعة من الحالات التي تسمح للمؤجر بإنهاء العلاقة الإيجارية بشكل فوري دون انتظار انتهاء مدة العقد، وتشمل هذه الحالات:
عدم دفع الإيجار لمدة 3 أشهر متتالية دون عذر مقبول.
استخدام العين المؤجرة في أنشطة غير مشروعة مثل تجارة المخدرات أو الأعمال المنافية للقانون.
التنازل عن العين المؤجرة للغير أو تأجيرها من الباطن دون موافقة كتابية من المالك.
إحداث تلفيات جسيمة في العين المؤجرة تؤثر على سلامة العقار.
الهجرة الدائمة خارج البلاد وترك العين مغلقة لأكثر من سنة دون إشعار المالك.
لا شك أن هذه التعديلات ستفرض على المستأجرين التفكير جيدًا قبل توقيع العقود، خاصة فيما يتعلق بمدة الإيجار وقيمة الإيجار المتغيرة. البعض يرى أن هذه التعديلات قد تؤدي إلى ارتفاع الأسعار في السوق العقاري، بينما يرى آخرون أنها خطوة طبيعية لتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر.
من ناحية أخرى، تم التأكيد على أن العقود القديمة التي تم تحريرها قبل تطبيق القانون تظل سارية المفعول حتى انتهاء مدتها، مع منح فترة انتقالية مدتها 5 سنوات لتوفيق الأوضاع.
يعتبر الملاك أكبر المستفيدين من القانون الجديد، حيث أصبح لديهم الآن حق مشروع في استرداد ممتلكاتهم بعد مدة محددة، وهو ما لم يكن متاحًا لهم في ظل القوانين القديمة التي كانت تتيح الإيجار مدى الحياة مقابل مبالغ زهيدة لا تتناسب مع أسعار السوق الحالية.
كما أن رفع القيمة الإيجارية تدريجيًا سيخفف كثيرًا من الفجوة المالية التي كانت تعاني منها هذه الفئة منذ عقود، خاصة وأن معظم الملاك يعتمدون على عائد الإيجار كمصدر دخل أساسي.
أقر القانون أيضًا بإنشاء لجان فض منازعات تابعة لوزارة العدل، هدفها النظر في القضايا المتعلقة بتطبيق هذا القانون بعيدًا عن المحاكم التقليدية، وذلك لتقليل الضغط على الجهاز القضائي وتسريع عملية الفصل في النزاعات بين الملاك والمستأجرين.
كما هو متوقع، تباينت ردود الأفعال بين مؤيد ومعارض:
الملاك: عبروا عن ارتياحهم الكامل لهذه التعديلات، معتبرين أنها تعيد التوازن المفقود منذ سنوات وتحقق مبدأ العدل.
المستأجرون: البعض اعتبر أن التعديلات تهدد الاستقرار السكني خاصة للفئات محدودة الدخل، بينما رأى آخرون أن تنظيم العلاقة أفضل من ترك الأمور عشوائية.
الخبراء القانونيون: اعتبروا القانون خطوة جريئة لكنه بحاجة إلى تطبيق مرن يراعي الحالات الخاصة ويضمن عدم ترك الأسر بلا مأوى.
تم الإعلان رسميًا أن تطبيق القانون بدأ اعتبارًا من أول يوليو 2025، مع فترة سماح تمتد حتى نهاية ديسمبر 2025 لتوفيق الأوضاع بالنسبة للعقود القديمة والمستأجرين الذين يحتاجون إلى وقت لترتيب أمورهم.
قانون الإيجار القديم 2025 يمثل تحولًا جذريًا في علاقة المالك والمستأجر داخل مصر، خاصة بعد تحديد مدة العقد بـ7 سنوات فقط ووضع حالات واضحة للطرد الفوري. ورغم ما أثاره من جدل، يبقى الهدف الأساسي منه تحقيق التوازن بين الحقوق والواجبات للطرفين، مع مراعاة البعد الاجتماعي والإنساني.
وبينما يرى البعض أنه قد يتسبب في ارتفاع أسعار الإيجارات، هناك من يعتبره ضرورة حتمية لتنظيم سوق العقارات المصري الذي ظل يعاني من خلل واضح طوال السنوات الماضية.
وفي النهاية، يبقى الأهم هو التطبيق العادل والمرن الذي يضمن حقوق الجميع دون أن يلحق ضررًا حقيقيًا بأي طرف
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt