ميكسات فور يو
هل يُغسَّل المتوفى المصاب بالحروق أم له رخصة شرعيَّة بعدم تغسيله؟
الكاتب : Mohamed Abo Lila

هل يُغسَّل المتوفى المصاب بالحروق أم له رخصة شرعيَّة بعدم تغسيله؟

هل يُغسَّل المتوفى المصاب بالحروق أم له رخصة شرعيَّة بعدم تغسيله؟.. الإفتاء تجيب


 أحكام تجهيز الميت في الإسلام

يُعَدّ تجهيز الميّت من فروض الكفاية التي إذا قام بها بعض المسلمين سقط الإثم عن الباقين. ويشمل التجهيز: الغُسْل أو التيمُّم عند العجز، التكفين، الصلاة، ثم الدفن. والأصل الشرعي أن كل مسلمٍ مكلَّفٍ تجب غسله بعد الوفاة، إلا إذا وُجد مانعٌ معتبرٌ يمنع إيصال الماء إلى الجسد، أو يترتب على الغُسل تَقطُّع أعضائه أو تفاقم حالته بما يفضي إلى إهدار حرمة الميت.


نص فتوى دار الإفتاء في المسألة

أفتت دار الإفتاء المصريّة بأن الأصل تغسيل جميع الأموات من المسلمين، رجالًا ونساءً، ما لم يَثبت عُذرٌ معتبرٌ شرعًا يجعل الغُسل مضرةً مؤكَّدة أو مستحيلة التنفيذ. وبخصوص المتوفى بالحروق، فرّقت الفتوى بين حالتين رئيسيتين:

  1. الحروق السطحية أو الجزئية التي لا يُخشَى معها انفصال الجلد أو اللحم عند صب الماء، ففي هذه الحال يُغسَّل الميت غسلاً تامًّا، مع مراعاة استخدام الماء الفاتر برفق، وتجنّب دَلْك الأعضاء بشدّة.

  2. الحروق الكلّية أو العميقة التي يتوقع معها تمزّق الجلد، أو ذوبانه، أو خروج رائحة كريهة تُنفِّر الغاسِل وتؤذي الحاضرين، أو يتعذّر معها تحريك الجسد؛ فهنا ينتقل الحكم إلى التيمُّم إن أمكن، ويكون بأن يُمسَح الوجه واليدين بتراب طاهر أو صعيد، أو يُكتفى بصبّ الماء صَبًّا خفيفًا دون دَلْك. فإذا تعذّر التيمم أيضًا، جاز دفنه بغير غُسلٍ حفظًا لحرمة جسده، ويُصلَّى عليه كالمعتاد.

دليل الفقهاء على رخصة عدم الغُسل

استند العلماء إلى قاعدة «المشقّة تجلب التيسير»، وإلى حديث النبي ﷺ في الذي «انكسر فاغتسل فمات» فقال فيه: «إنما كان يكفيه أن يتيمَّم». فإذا كان الغسل سببًا للهلاك في حق الحيّ، كان في حقّ الميت أولى بالتخفيف إن ترتَّب عليه امتهان حرمة الجسد. كما يحتجّون بقول ابن قدامة في «المغني»: «فإن خيف تفسخ اللحم بالماء أو تفرُّق لحمه تُرك غسله».

التفصيل في كيفية التيمُّم للميت المحروق

  • يُمهَّد للميت مكانٌ طاهر، ويُفرش أسفله سَتْر يحفظ ما قد ينفصل.

  • يُحضَر تراب طاهر جافّ، أو حجر أملس، أو صعيد نقي يصلح للتيمُّم.

  • يضرب المغسِّل بكفّيه على التراب ضربة واحدة بنية التيمم عن الميت، ثم ينفخ فيهما برفق.

  • يمسح وجه الميت كاملًا، ثم يمسح يديه إلى الرسغين إن أمكن بلا شدّ.

  • إذا تعذّر مسح الوجه لالتصاق كتل الحرق، جاز المسح على الموضع السليم فقط؛ لأن التيمُّم أصله للترخيص والتخفيف.

هل يجوز الاكتفاء بالكحول الطبي أو المناديل المُعقَّمة؟

الفتوى تُبيّن أن المقصود وصول طهارةٍ شرعيةٍ إلى البدن، فلا يُجزئ مسح الميت بالكحول الطبيّ أو المناديل إن كان الغسل أو التيمم ممكنًا. لكن يجوز استبدال الماء بمحلولٍ معقَّم إذا رُوعِي أن يكون مائعًا مطلقًا يصدق عليه اسم «الماء المخالط» في الفقه، ولا يخرج عن طهوريته.

رأي المذاهب الأربعة مجتمعة

  • المالكية: يستثنون من الغسل الشهيد والمعذور بالعجز، وينصّون على جواز التيمم للمتفحّم بالحرق إذا خيف على أعضائه.

  • الحنفية: يرخصون في عدم الغسل عند خشية تقطّع الجسد، ويكتفون بالتيمم أو التراب الممزوج بالماء.

  • الشافعية: يعدّون الغسل فرضًا مع إلزامية التيمم إن تعذّر، وينقلون الإجماع على الصلاة.

  • الحنابلة: ينصّون على أن التيمُّم بدل عن الغسل عند الضرر أو عدم الإمكان.

ضوابط يوصي بها الأطباء الشرعيون

أكّد مختصون في الطب الشرعي أنّ الإجراء الأمثل لحالات الحروق الكليّة هو عدم رشّ الماء القوي فوق الجسد؛ إذ يؤدي إلى انفصال الجلد، وينصحون بـ «مِرْذار» رذاذي وأقمشة مبللة بلطف للمناطق التي تتحمّل اللمس. كما يفضَّل العمل في غرفة جيدة التهوية لعدم انبعاث الروائح المؤذية.

الطاقم المُكلَّف بالغُسل وضرورة التدريب

توصي دار الإفتاء بأن يُشكل فريق تجهيز الميت من أشخاصٍ مُدَرَّبين للظروف الخاصة، تفاديًا لإيذاء الجسد أو شعور الغاسل بالاشمئزاز، وأن يُهيَّأوا نفسيًا بذكر الأجر العظيم في تغسيل المسلم وصيانته.

أثر مراعاة هذه الأحكام في المجتمع

  • تقديس حرمة الميت: فيظهر للمجتمع أن الشريعة تُعلي شأن الإنسان حيًّا وميتًا.

  • رفع الحرج عن أهل المتوفى: إذ قد يظنون وجوب الغسل مهما كان الضرر، فيقعون في حيرة.

  • تأكيد المرونة الفقهية: يُبرز رحابة الفقه الإسلامي ومراعاته للواقع الطبي والعرفي.

أسئلة شائعة وردود مُختصرة

السؤالالجواب المختصر
ماذا لو تعذّر التراب للتيمم؟يُستخدم أي صعيد طاهر كالحائط أو البلاط غير المدهون.
كيف نُصلّي على الميّت غير المُغسَّل؟تُصلَّى صلاة الجنازة كالمعتاد بنية العذر في الغسل.
هل يُقدَّم التعقيم الطبي على الحكم الفقهي؟يُراعى الفقه أولًا ثم يستعان بالتعقيم، إلا إذا قرر الأطباء تعذّر الماء نهائيًا.
ما حكم تنفيذ الغُسل في المستشفى؟جائز مع الحفاظ على ستر العورة وحضور مسلم مأمون.

الموازنة بين النص الشرعي والواقع العملي

يتبيّن أن الشريعة الإسلامية أقامت أحكام تجهيز الميت على قاعدة اليسر ورفع الحرج، فجعلت الغسل أصلًا، والتيمم بديلًا، والرخصة بتركهما عند فقدان الشرط أو وجود الضرر المحقَّق. والحروق الشديدة تمثِّل ظرفًا استثنائيًا يحتاج إلى اجتهاد فقهي مقرون برأي طبيّ مختص، حفاظًا على حرمة الإنسان بعد موته، وإعانةً لأهله على تجاوز محنتهم دون مخالفة لأوامر الدين. وبذلك تجمع الفتوى بين صيانة البدن والتيسير على العباد، مصداقًا لقوله تعالى: «يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر».

التعليقات

لا يوجد تعليقات

اترك تعليق

يجب تسجيل الدخول أولا. تسجيل الدخول

قد يهمك أيضا

تعــرف على ميكسات فور يو
اتصل بنا
سياسة الخصوصية
من نحن
خريطة الموقع
تابعنا علي منصات السوشيال ميديا

جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt

Loading...