مقابل أموال.. مقترح بعودة ألقاب بك وباشا يثير جدلًا في مصر
عاد الجدل مجددًا في الأوساط السياسية والاجتماعية المصرية، بعد اقتراح مثير للجدل تقدم به أحد أعضاء مجلس النواب.
يطالب فيه بعودة منح ألقاب "البكوية" و"الباشوية" مقابل رسوم مالية تدفعها الشخصيات العامة الراغبة في الحصول على هذه الألقاب، شريطة توافر بعض المعايير المحددة. الاقتراح الذي أعاد للأذهان مشاهد من العهد الملكي، أثار موجة من ردود الأفعال المتباينة على مواقع التواصل الاجتماعي وبين المواطنين، ما بين ساخر، وغاضب، وآخرون يرونه مقبولًا ضمن منظومة "التميز مقابل دعم خزينة الدولة".
تفاصيل المقترح
النائب مقدم المقترح، قال في مداخلة تليفزيونية إنه يهدف إلى إحياء ثقافة التقدير المجتمعي لبعض الشخصيات التي تقدم إنجازات ملموسة في مجالات مختلفة، مقابل دفع رسوم رسمية تُحددها الدولة.
وأضاف أن هذا الاقتراح قد يمثل "بابًا جديدًا للإيرادات"، بحيث تكون هناك شروط واضحة، تشمل:
-
تقديم مساهمات في العمل المجتمعي أو التنموي
-
تاريخ مشرف في العمل العام أو الخاص
-
عدم وجود سوابق جنائية أو مخالفات جسيمة
-
تقديم طلب رسمي للحصول على اللقب
كيف ستُمنح الألقاب؟
بحسب المقترح، فإن منح اللقب سيكون بقرار جمهوري أو بمرسوم رسمي، بناءً على ترشيحات من هيئات رسمية، وسيخضع لرقابة ومراجعة دقيقة، لتفادي "العبث أو الاتجار بالوجاهة"، على حد وصف النائب.
وأكد أن الألقاب ستكون رمزية فقط دون أي امتيازات قانونية، أي أن من يحصل على لقب "باشا" أو "بيه" لن يُعامل بأي تمييز قانوني أو إداري، وإنما سيكون الأمر أقرب إلى التقدير المعنوي أو الاجتماعي.
لماذا عاد الحديث عن هذه الألقاب؟
ألقاب "الباشا" و"البيه" كانت منتشرة في مصر حتى منتصف القرن العشرين، وكانت تُمنح بقرار ملكي أو سلطاني للموظفين الكبار أو أصحاب النفوذ والوجاهة الاجتماعية.
وبعد ثورة يوليو 1952، تم إلغاء تلك الألقاب بشكل رسمي، في إطار التوجه نحو "العدالة الاجتماعية" ومحاربة الطبقية.
لكنها ما زالت مستخدمة حتى اليوم بشكل غير رسمي، سواء في التعاملات اليومية أو المجاملات.
أهداف المقترح من وجهة نظر صاحبه
قال النائب إن الفكرة لا تهدف إلى خلق طبقية جديدة، بل إلى تحفيز الشخصيات العامة والمجتمعية على مزيد من العطاء مقابل نوع من التكريم الرسمي.
كما أشار إلى أن العائد المالي من منح الألقاب يمكن أن يُوجه لدعم خدمات عامة مثل الصحة والتعليم، معتبرًا أن بعض رجال الأعمال أو الشخصيات العامة قد لا تمانع في الدفع مقابل هذا التقدير.
ردود فعل المواطنين
أثار المقترح حالة من الانقسام في الشارع المصري، وتباينت ردود الفعل ما بين مؤيد وساخر ومعارض بشكل قاطع:
-
"يعني اللي معاه فلوس يبقى باشا؟!"
-
"هو احنا ناقصين طبقية كمان؟!"
-
"فكرة لطيفة لو كان فيه معايير حقيقية، بس المهم ما تتحولش لمجرد سبوبة"
-
"الناس مش لاقية تأكل وانتو بتفكروا في باشا وبيه؟"
-
"طب ما نرجع الملكية بقى ونخلص!"
تعليقات السوشيال ميديا
على مواقع التواصل، انتشرت التعليقات الساخرة بسرعة، ومن بين أشهرها:
-
"مستنيين تطبيق يطلبلك لقب بيه أونلاين!"
-
"الباشا اللي يدفع أكتر"
-
"البيه وصل ومعاه كارت فيزا"
-
"أخد لقب بيه وخصمه 50% على المحشي"
-
"مش كفاية لقب عمّ الحلاق؟!"
رأي الخبراء القانونيين
بعض القانونيين رأوا أن المقترح ليس له أي سند دستوري واضح، وأن الألقاب الملكية تم إلغاؤها رسميًا منذ سبعين عامًا، ولا يمكن إعادتها بقرار برلماني أو قانوني دون تعديلات دستورية.
وأضافوا أن منح ألقاب مدفوعة قد يفتح بابًا للتمييز بين المواطنين، وهو ما يتعارض مع مبدأ المساواة أمام القانون، وقد يُشكل مدخلًا للمحسوبية والنفوذ غير الرسمي في بعض القطاعات.
الموقف من الحكومة
حتى الآن، لم يصدر أي تعليق رسمي من مجلس الوزراء أو الجهات المعنية بشأن المقترح، ما يعني أنه لا يزال في إطار "التصور الشخصي" من أحد النواب، ولم يتحول بعد إلى مشروع قانون حقيقي.
لكن مصادر برلمانية أكدت أن المقترح لن يمر بسهولة، وأن غالبية النواب يعتبرونه غير مناسب للمرحلة الحالية التي تتطلب التركيز على أولويات اقتصادية واجتماعية أكبر بكثير.
ألقاب حقيقية أم "فلاتر اجتماعية"؟
يرى بعض علماء الاجتماع أن هذه الألقاب أصبحت "مفاهيم رمزية" أكثر منها واقعية، وأن المجتمع المصري لم يعد يهتم بالألقاب قدر اهتمامه بالمكانة الفعلية والنجاح العملي.
وأضافوا أن عودة هذه المفاهيم بشكل رسمي قد تخلق تنافسًا غير صحي، وتُعيد مفاهيم اجتماعية تم تجاوزها تاريخيًا، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية التي يعاني منها المواطنون.
هل تتكرر التجربة في دول أخرى؟
في بعض الدول مثل بريطانيا، ما زالت هناك ألقاب شرفية تُمنح من العائلة الملكية مثل "سير" و"ليدي"، لكنها لا تُباع أو تُمنح مقابل رسوم، وإنما تُعطى كمكافأة على إنجازات وطنية بارزة.
لكن في دول أخرى، أي نظام مشابه قد يُستخدم لأغراض تجارية أو تمييزية، مما يجعله محل جدل مستمر.
خلاصة
مقترح إعادة ألقاب "باشا وبيه" مقابل رسوم مالية أثار عاصفة من الجدل في مصر، ما بين من يراه وسيلة لجلب موارد للدولة وتكريم الشخصيات العامة، وبين من يعتبره خطوة تعيدنا إلى الوراء وتُحيي مفاهيم طبقية ألغتها ثورة يوليو.
وفي ظل غياب أي موقف رسمي حتى الآن، يبقى السؤال: هل هو اقتراح عابر لجذب الانتباه؟ أم بداية لنقاش مجتمعي أوسع حول "رمزية الألقاب" في مصر الحديثة؟