أصدرت الحكومة المصرية مؤخرًا ضوابط جديدة تنظم آلية العمل عن بُعد في القطاع الحكومي، وذلك في إطار تطوير نظم العمل وتحقيق التوازن بين الأداء المهني والحياة الشخصية للعاملين. وجاءت هذه الضوابط ضمن القانون الجديد للخدمة المدنية، الذي يهدف إلى تحديث منظومة العمل الحكومي وفق معايير الكفاءة والتكنولوجيا الحديثة.
العمل عن بُعد، كما ورد في مواد القانون، يعني ممارسة الموظف للمهام الوظيفية من خارج مقر الجهة التي يعمل بها، سواء من المنزل أو من أي موقع آخر يُحدده النظام. ويشترط أن يتم إنجاز العمل باستخدام وسائل إلكترونية تتيح المتابعة والتقييم، بما يضمن كفاءة الأداء وتحقيق الأهداف الوظيفية.
بحسب اللوائح التنفيذية للقانون، فإن تطبيق نظام العمل عن بُعد لا يشمل جميع الموظفين بشكل تلقائي، بل يتم اختياره بناءً على طبيعة الوظيفة، ومدى قابليتها للتنفيذ خارج مقر الجهة الحكومية. وغالبًا ما يتم منح هذه الميزة للوظائف الإدارية أو الفنية أو المرتبطة بتكنولوجيا المعلومات، التي لا تتطلب تواجدًا ميدانيًا دائمًا.
نصت اللائحة التنفيذية للقانون الجديد على عدة شروط وضوابط أساسية لتطبيق نظام العمل عن بُعد، أبرزها:
أن يكون الموظف مُعينًا على درجة دائمة أو تعاقد رسمي.
أن يكون قد اجتاز فترة الاختبار بنجاح.
ألا يكون قد تم توقيع جزاءات تأديبية جسيمة عليه خلال العام الأخير.
ضرورة موافقة الرئيس المباشر وجهة الموارد البشرية.
أن تتوفر الوسائل التقنية المناسبة لتنفيذ العمل ومتابعته إلكترونيًا.
أوضح القانون أن الحد الأقصى لأيام العمل عن بُعد لا يجوز أن يتجاوز يومين أسبوعيًا، على أن تكون هذه الأيام غير متصلة، وتُحدَّد وفقًا لاحتياجات العمل وتقدير الرئيس المباشر للموظف.
وفي بعض الحالات الاستثنائية، مثل حالات المرض أو الظروف الاجتماعية القهرية، يمكن زيادة عدد الأيام بموافقة جهة العمل، شرط عدم الإخلال بمصلحة المؤسسة.
شدد القانون على ضرورة تقييم أداء الموظف عن بُعد بشكل دقيق، لضمان عدم تأثر الإنتاجية. وتتم المتابعة من خلال تقارير دورية، وقياسات أداء إلكترونية، وتقديم نتائج ملموسة خلال فترات العمل المحددة. وفي حال ثبت الإهمال أو التقصير، يجوز للجهة سحب هذا الامتياز من الموظف فورًا.
يلتزم الموظف أثناء أدائه العمل عن بُعد بنفس الواجبات والمسؤوليات التي يخضع لها في المكتب، ومن أهمها:
الالتزام بساعات العمل الرسمية.
الحفاظ على سرية البيانات والمعلومات.
عدم استخدام الأجهزة الرسمية في أغراض شخصية.
التواصل المستمر مع فريق العمل والرؤساء عند الحاجة.
وفقًا لما ورد في اللوائح، فإن نظام العمل عن بُعد لا يؤثر على راتب الموظف، ولا يتم خصم أي مبالغ من المستحقات المالية نتيجة أداء العمل من خارج مقر الجهة. ويتم اعتبار الموظف في حالة حضور فعلي طالما التزم بالضوابط والمخرجات المحددة له.
يمكن للموظف الراغب في العمل عن بُعد أن يتقدم بطلب رسمي إلى الإدارة المعنية بالموارد البشرية، موضحًا فيه:
سبب طلب العمل عن بُعد.
عدد الأيام المطلوبة.
نوعية المهام التي سيتم تنفيذها.
مدى توفر التجهيزات التقنية اللازمة.
ويتم دراسة الطلب وفقًا لمصلحة العمل، وإصدار قرار بالموافقة أو الرفض خلال فترة لا تتجاوز أسبوعين من تاريخ التقديم.
يجوز للجهة الإدارية إنهاء أو تعليق العمل عن بُعد في الحالات التالية:
حدوث خلل في الإنتاجية.
إخلال الموظف بأي من الضوابط أو الواجبات.
تغير طبيعة العمل بما يستلزم التواجد الدائم في الموقع.
الحاجة المؤسسية إلى وجود الموظف في مقر العمل بصفة مستمرة.
القانون الجديد لتنظيم العمل عن بُعد يمثل نقلة نوعية في إدارة الموارد البشرية بالقطاع الحكومي، ويهدف إلى الاستفادة من التقنيات الحديثة، وتحقيق مرونة أكبر في بيئة العمل. ومع ذلك، فإن الالتزام بالضوابط الصارمة يضمن الحفاظ على جودة الأداء وعدم التهاون بالواجبات الوظيفية.
ويظل هذا النظام اختياريًا وتقديريًا حسب ظروف العمل والموظف معًا، وليس حقًا مطلقًا، ويُشترط لتفعيله تحقيق مصلحة العمل أولًا.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt