في الأيام الأخيرة، تصدّرت فتوى عن حكم صلاة المرأة وهي ترتدي البنطلون مشهد النقاشات الدينية والاجتماعية على مواقع التواصل الاجتماعي، بعدما أثارت حالة من الجدل بين من يصفها بـ"الحرام" ومن يراها "مستورة شرعًا أكثر من العباية".
في هذا التقرير نرصد تفاصيل الجدل، آراء الفقهاء، موقف الأزهر، ردود فعل النساء، وأهم الضوابط الشرعية لصلاة المرأة من حيث اللباس، مع تحليل عقلاني بعيدًا عن المبالغات أو التهويل.
الجدل بدأ بعد أن نُشرت فتوى على إحدى الصفحات الدينية، جاء فيها:
"لا يجوز للمرأة الصلاة بالبِنطلون حتى ولو كانت في منزلها، لأن هذا لا يحقق الستر الكامل، ويُظهر تفاصيل الجسم، مما يُبطل الصلاة."
مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية تدخل للرد، مؤكدًا في بيان رسمي:
"الصلاة صحيحة ما دام البدن مغطى بما لا يشف ولا يصف، والبنطلون ليس محرمًا في ذاته، لكن يُشترط أن يكون واسعًا غير ضيق."
وأضاف أن الشرط الأساسي لصحة الصلاة عند النساء هو:
ستر كامل للجسم ما عدا الوجه والكفين
ألا يكون اللباس شفافًا
ألا يصف الجسم بشكل يلفت النظر
ما يعني أن الحكم لا يرتبط بشكل البنطلون، بل بطبيعته ومدى ستره للجسم.
الفتوى فتحت باب المقارنة بين البنطلون والعباية، وظهرت آراء متنوعة من الداعيات:
بعضهن قال إن العباية الفضفاضة تضمن الستر الكامل
أخريات أكدن أن هناك عبايات أصبحت ضيقة وملفتة أكثر من البنطلونات
وهناك من رأت أن البنطلون الواسع مع بلوزة طويلة قد يكون أكثر سترًا من عباية مودرن ضيقة
وبالتالي، القضية ليست في الاسم (عباية أو بنطلون)، بل في مدى تحقيق اللباس لمبدأ "الستر" الذي هو شرط أساسي في الصلاة.
جمهور الفقهاء، بمذاهبهم المختلفة، اتفقوا على أن شرط صحة صلاة المرأة هو:
ستر الجسم بالكامل
تغطية الشعر والرقبة والقدمين
عدم لبس ما يُظهر حجم الجسد أو يلفت الأنظار
لكن اختلفوا في التطبيق العملي، خاصة في ظل تطور أنماط اللباس المعاصر.
وهذا ما يجعل الرأي الديني قابلًا للاجتهاد حسب الحالة، ما دام الشرط الأساسي متوفرًا.
البنطلون لم يعد زيًا خاصًا بالرجال
النساء ترتدينه في جميع أنحاء العالم بشكل طبيعي
المهم هو طبيعة البنطلون ومدى ستْره، لا مجرد كونه "بنطلونًا"
وبالتالي لا يجوز التحريم المطلق للبنطلون دون النظر في شكله وخصائصه.
الرد الشرعي جاء كالتالي:
في البيت، يجوز للمرأة أن تصلي بأي زي ساتر يفي بالشروط
يمكن الصلاة ببنطلون واسع وبلوزة تغطي المنطقة الواجب سترها
لا يشترط ارتداء خمار أو إسدال كامل كما في المساجد
والهدف هنا هو الحفاظ على الخشوع والستر، دون تعقيد زائد.
كالعادة، لم تمر الفتوى دون تفاعل جماهيري واسع، خصوصًا من النساء:
"يعني العباية الضيقة حلال والبنطلون الواسع حرام؟!"
"إحنا بنصلي في البيت ومش بنلبس ضيق، فين المشكلة؟"
"كل يوم نسمع فتوى جديدة تخلي الناس تبعد عن الدين"
"المفروض نركز في جوهر الصلاة مش بس اللبس"
وكانت هذه الردود تعكس حالة من الاستياء من الفتاوى المتشددة التي لا تراعي الواقع ولا تواكب تغيرات المجتمع.
من الناحية الشرعية، لا يوجد "زي موحد" لصلاة المرأة، بل توجد شروط يجب توافرها في اللباس:
ألا يشفّ (لا يكون شفافًا)
ألا يصف الجسم (لا يكون ضيقًا)
أن يغطي جميع البدن عدا الوجه والكفين
أن يكون نظيفًا وخاليًا من النجاسات
أي زي يحقق هذه الشروط، سواء كان بنطلونًا أو إسدالًا أو عباءة، يُعد مقبولًا شرعًا.
عدد من الداعيات والمختصات في الشؤون الشرعية خرجن للرد، ومن بين أبرز ما قيل:
"الإسلام دين يسر، وكل ما يحقق الستر مقبول"
"نحتاج لتوعية دينية مبسطة، مش فتاوى تصدم الناس"
"المهم الخشوع والنية، مش نوع القماش أو شكل اللبس"
"فيه فرق بين الموضة المبالغ فيها، والبساطة في الستر"
وأجمعن على أن إشغال الناس بقضايا جانبية قد يُضعف روح العبادة، والأجدر توجيه الناس نحو الجوهر.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt