ميكسات فور يو
هل الحكومة قادرة على توفير سكن بديل للمستأجرين بالإيجار القديم؟
الكاتب : Mohamed Abo Lila

هل الحكومة قادرة على توفير سكن بديل للمستأجرين بالإيجار القديم؟

هل الحكومة قادرة على توفير سكن بديل للمستأجرين بالإيجار القديم؟


الجدل المتجدد حول الإيجار القديم

ما بين دعوات المُلّاك لتعديل القوانين، وتمسك المستأجرين بحقوقهم المكتسبة، تعود أزمة الإيجار القديم إلى الساحة مجددًا، وسط تساؤلات جادة هذه المرة:
هل تستطيع الدولة فعليًا توفير سكن بديل للمستأجرين حال إلزامهم بإخلاء الوحدات السكنية؟

هذا السؤال يطرح نفسه بقوة بعد سلسلة من التصريحات البرلمانية والمقترحات الحكومية لتعديل قانون الإيجار القديم، خاصة مع توجه الحكومة إلى تقنين الأوضاع ومعالجة الملفات القديمة بشكل تدريجي وعادل.



أعداد المستأجرين بالإيجار القديم في مصر

وفقًا لتقديرات غير رسمية، هناك ما يزيد عن 3 ملايين وحدة سكنية خاضعة لنظام الإيجار القديم في مصر، منها عدد كبير في القاهرة والإسكندرية وبعض المحافظات الكبرى. وتشير بعض الدراسات إلى أن:

  • عدد المستفيدين من الإيجار القديم يتجاوز 10 ملايين مواطن.

  • جزء كبير من هذه الوحدات يشغلها أسر محدودة الدخل وكبار السن.

  • بعض هذه الوحدات غير مستغلة فعليًا (مغلقة أو مؤجرة من الباطن).

كل هذه الأرقام تضع تحديًا ضخمًا أمام الدولة حال التفكير في إنهاء عقود الإيجار القديمة.


ماذا تقول الحكومة عن توفير السكن البديل؟

في أكثر من مناسبة، أكدت الحكومة المصرية ممثلة في وزارة الإسكان ومجلس الوزراء، أنها لن تُلقي بالمستأجرين في الشارع، وأن أي قرارات أو قوانين جديدة سيتم تطبيقها بالتدريج، مع مراعاة البُعد الاجتماعي، خاصة للفئات غير القادرة.

ورغم أن القانون الجديد الذي يُناقش حاليًا يخص في الأساس الوحدات المؤجرة لغير غرض السكن (محال – مكاتب – عيادات)، فإن الحديث عن الوحدات السكنية مازال مطروحًا على طاولة الحوار.

لكن السؤال يبقى:
هل لدى الدولة مخزون عقاري كافٍ لإعادة تسكين ملايين الأسر؟


التحديات التي تواجه الحكومة

من الناحية الواقعية، توجد عدة تحديات أمام فكرة توفير سكن بديل لكل المستأجرين، أبرزها:

  • عدم توفر وحدات سكنية كافية بأسعار مدعومة في كل المحافظات.

  • التمويل الضخم المطلوب لبناء وحدات جديدة أو دعم الإيجار.

  • الحاجة لتحديد الفئات المستحقة فعليًا للدعم، خاصة أن بعض المستأجرين في الإيجار القديم ليسوا محدودي الدخل.

  • صعوبة حصر جميع الحالات بسبب غياب قاعدة بيانات دقيقة.

وهذه التحديات تجعل الحكومة تميل إلى تطبيق تدريجي للقانون الجديد مع تقديم بدائل فقط للفئات الأشد احتياجًا.


مبادرات حكومية سابقة في الإسكان

لا يمكن إنكار أن الحكومة المصرية قامت بعدة مبادرات ناجحة في مجال الإسكان الاجتماعي خلال السنوات الماضية، من بينها:

  • مشروع "سكن لكل المصريين"، الذي وفر مئات الآلاف من الوحدات للمواطنين محدودي ومتوسطي الدخل.

  • مشروع "بشاير الخير" في الإسكندرية، والذي استهدف القضاء على العشوائيات وتسكين سكانها في عمارات جديدة كاملة المرافق.

  • الإسكان البديل لمثلث ماسبيرو والأسمرات، حيث تم نقل الأهالي إلى وحدات حضارية.

هذه النماذج الناجحة تؤكد أن الحكومة لديها خبرة في التعامل مع مثل هذه الملفات، لكن الفارق هنا هو العدد الضخم جدًا من المستأجرين في الإيجار القديم مقارنة بعدد المستفيدين في تلك المبادرات.


مقترحات تحت الدراسة لتوفير سكن بديل

تدرس الحكومة حاليًا عدة سيناريوهات لتقليل حدة الصدام المحتمل في ملف الإيجار القديم، منها:

  1. توفير وحدات بديلة في مشروعات الإسكان الاجتماعي برسوم رمزية للمستأجرين المستحقين.

  2. دعم نقدي مباشر للمستأجرين غير القادرين على دفع قيمة إيجار جديدة بعد تحرير العقد.

  3. إعادة تأهيل بعض العقارات المملوكة للدولة لاستخدامها كسكن بديل مؤقت.

  4. شراكة مع القطاع الخاص لبناء وحدات جديدة مخصصة كتعويض للمستأجرين.

ورغم أن هذه الأفكار طُرحت بالفعل، إلا أن التطبيق العملي لها مازال قيد الدراسة والتخطيط.


موقف المُلّاك من توفير سكن بديل

من جهة أخرى، يرى عدد من المُلّاك أن توفير السكن البديل ليس مسؤوليتهم، بل هو شأن حكومي خالص، ويطالبون بتعديل فوري للقانون دون انتظار، مؤكدين أن:

  • الإيجار الشهري لبعض الوحدات لا يتجاوز 5 جنيهات منذ عقود.

  • قيمة العقارات انخفضت بسبب استمرار هذه العقود.

  • بعض المستأجرين يملكون وحدات أخرى ولا يستحقون الدعم.

ويؤكدون أن العدل يقتضي إنهاء هذا الوضع غير المنطقي، وإعطاء المالك حق الاستفادة من ملكه، على أن تتولى الدولة دعم المستحقين فقط.


أصوات المستأجرين: الخوف من المستقبل

في المقابل، يعيش كثير من المستأجرين قلقًا حقيقيًا من احتمالية فقدان سكنهم الوحيد دون بديل حقيقي، خاصة من كبار السن وأصحاب المعاشات.

تقول إحدى المواطنات:
«أنا قاعدة في شقة من 40 سنة.. وماليش أي مكان تاني أروحه، لو القانون اتغير فجأة هاروح فين؟»

بينما يؤكد أحد كبار السن:
«أنا بدفع إيجار 12 جنيه في الشهر، معاشي 1200 جنيه.. مش هقدر أدفع إيجار جديد أبدا»

هذه المخاوف توضح ضرورة التدرج والعدالة في التطبيق، وتوفير ضمانات حقيقية قبل أي إجراء.


السيناريو المرجح للتعامل مع الملف

من واقع التصريحات الرسمية ومتابعة الوضع، يبدو أن السيناريو الأقرب للتطبيق سيكون كالتالي:

  • تطبيق القانون الجديد أولًا على الوحدات غير السكنية (محلات – عيادات).

  • فتح حوار مجتمعي حول الوحدات السكنية.

  • إقرار تعديلات تدريجية تبدأ بعد فترة انتقالية طويلة.

  • إطلاق قاعدة بيانات قومية لتحديد المستحقين الفعليين للدعم.

  • الاستعداد بمخزون عقاري في المحافظات الكبرى بالتزامن مع تطبيق القانون.


هل الحكومة قادرة فعليًا؟

الإجابة ليست سهلة، لكن يمكن القول أن الحكومة قادرة من حيث التخطيط والتجربة السابقة في ملفات مشابهة، لكنها تحتاج إلى:

  • تمويل كافٍ

  • وقت مناسب للتنفيذ

  • عدالة في تحديد الفئات

  • مشاركة مجتمعية ومؤسساتية

وبالتالي فإن الحكومة لن تُقدم على خطوة مفاجئة أو جماعية لإخلاء المستأجرين، بل ستتعامل مع الملف بحذر شديد وبحلول متدرجة، تضمن حماية الضعفاء دون المساس بحقوق المُلّاك.

المعادلة صعبة، لكن الأمل قائم في الوصول إلى حل وسط عادل يرضي جميع الأطراف ويحافظ على الاستقرار الاجتماع

التعليقات

لا يوجد تعليقات

اترك تعليق

يجب تسجيل الدخول أولا. تسجيل الدخول

قد يهمك أيضا

تعــرف على ميكسات فور يو
اتصل بنا
سياسة الخصوصية
من نحن
خريطة الموقع
تابعنا علي منصات السوشيال ميديا

جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt

Loading...