في تعليق مثير للجدل كعادته، عبّر رجل الأعمال المصري المعروف نجيب ساويرس عن رأيه في حادث الطريق الإقليمي الذي أسفر عن سقوط عدد من الضحايا والمصابين، مشيرًا إلى أن تحميل المسؤولية لوزير النقل بشكل مباشر أمر غير منطقي وغريب. جاء هذا التصريح في وقت تصاعدت فيه الانتقادات الشعبية تجاه البنية التحتية للطرق، وتزايدت التساؤلات حول معايير السلامة على المحاور السريعة.
شهد الطريق الدائري الإقليمي حادثًا مروعًا بين عدد من السيارات، ما أدى إلى سقوط قتلى ومصابين، وتسبب في حالة من الذعر والقلق بين المواطنين، خاصة مع توالي مثل هذه الحوادث في الفترة الأخيرة على الطرق الجديدة.
ورغم أن الجهات المعنية سارعت بنشر الفرق الأمنية والإسعاف وبدأت التحقيقات الأولية، إلا أن الحادث أثار موجة من الغضب الشعبي، ودعا البعض إلى ضرورة محاسبة المسؤولين، وعلى رأسهم وزير النقل، وهو ما رفضه ساويرس بشدة.
أوضح ساويرس أن الحوادث لا تقع فقط بسبب خلل في البنية التحتية، بل في كثير من الأحيان يكون السبب المباشر هو السلوك الخاطئ لبعض السائقين الذين يتجاوزون السرعة المحددة، أو لا يلتزمون بإشارات المرور والتعليمات المرورية.
وأكد أن تحميل وزير النقل مسؤولية كل حادث يقع على طريق تابع للدولة أمر غير منطقي، ما لم يكن هناك تقصير واضح ومباشر في الصيانة أو التنفيذ.
تفاوتت ردود الأفعال بين من وافق على رأيه معتبرًا أن تحميل المسؤولية الكاملة للدولة أمر مبالغ فيه، وبين من رأى أن الوزير يتحمل جزءًا من المسؤولية بوصفه المسؤول الأول عن منظومة النقل في البلاد.
بعض المتابعين رأوا أن كلام ساويرس منطقي ويعبّر عن ضرورة الفصل بين الأخطاء الفردية والأخطاء المؤسسية.
آخرون اعتبروا أن التصريح يمثل تبرئة ضمنية للحكومة، في وقت يتصاعد فيه الغضب الشعبي بسبب ضعف الرقابة والإشراف على الطرق الجديدة.
من الناحية القانونية، لا يُحمّل الوزير المسؤولية المباشرة عن كل حادث يقع على طريق عام، ولكن يُسأل سياسيًا وإداريًا عن مدى كفاءة المنظومة التي يشرف عليها.
ويشمل ذلك:
كفاءة التصميم الهندسي للطريق
مستوى الصيانة الدورية
وجود وسائل الأمان والإشارات الإرشادية
آليات الرقابة على السرعة
لذلك، يرى البعض أن مسؤولية الوزير تقديرية وإشرافية، لا تنفيذية مباشرة.
تصريحات نجيب ساويرس دائمًا ما تحمل أبعادًا سياسية أو اجتماعية، ويُعرف عنه مواقفه التي تميل إلى تحكيم المنطق الفردي والمسؤولية الذاتية.
وقد سبق له أن انتقد بعض السياسات الحكومية، لكنه في الوقت ذاته لا يتردد في الدفاع عن المسؤولين حين يرى أن الهجوم عليهم غير مبرر.
خلال العقود الماضية، تعاقب على وزارة النقل عدد كبير من الوزراء، وشهدت الوزارة العديد من الحوادث المؤلمة، سواء في السكك الحديدية أو على الطرق السريعة.
ومع ذلك، لم يكن يتم تحميل المسؤولية بشكل مباشر للوزير إلا في حالات:
تقصير واضح وثابت
إهمال إداري جسيم
رفض تحمل المسؤولية السياسية
وبالتالي، فإن تقييم المسؤولية يتطلب نظرة شاملة، وليس فقط رد فعل انفعالي بعد كل حادث.
أكد ساويرس ضمنيًا في تصريحاته أن المجتمع ذاته يتحمل جزءًا كبيرًا من مسؤولية ما يحدث، سواء من حيث ثقافة القيادة أو احترام القانون أو التزام الأفراد بقواعد السلامة.
وأشار إلى أن الدولة مهما طورت من الطرق، فإن استخدامها السيئ من قبل بعض الأفراد سيؤدي دائمًا إلى كوارث.
تساءل البعض عما إذا كانت تغريدة ساويرس تأتي في إطار دعم غير مباشر للحكومة، ومحاولة لتحويل دفة النقاش من المسؤول الإداري إلى الخطأ الفردي.
لكن المتابعين لرجل الأعمال المصري يرون أنه يُعبّر عادة عن آرائه بوضوح دون مواربة، وغالبًا ما يكون نقده صريحًا في حال رؤيته لتقصير من جانب الحكومة.
بغض النظر عن المسؤوليات الفردية، فإن الدولة مطالبة دومًا باتخاذ خطوات واضحة لتقليل عدد الحوادث، منها:
تركيب كاميرات مراقبة لرصد السرعات
زيادة عدد الرادارات الفعّالة
توفير وسائل الإنذار والإرشاد
تحسين مستوى الصيانة
فرض غرامات فورية صارمة
كل هذه الإجراءات تُسهم في تحسين الأمن على الطرق، وتُقلل من فرص تكرار الكوارث.
حتى الآن، لم تُصدر وزارة النقل بيانًا رسميًا حول الحادث الأخير، كما لم ترد على تصريحات ساويرس أو غيره. إلا أن المصادر تشير إلى بدء تحقيق شامل لمعرفة ملابسات الحادث، وتحديد الطرف المتسبب فيه.
تعكس هذه الحوادث حالة القلق العام من مستوى الأمان على الطرق، ويُطالب المواطنون دائمًا بحلول عاجلة وفعالة. وفي ظل ذلك، تصبح التصريحات الإعلامية المؤثرة مثل تغريدة ساويرس محورًا للنقاش العام وتؤثر في تشكيل الرأي الشعبي.
الشارع المصري بطبيعته يتأثر بعوامل متعددة عند تقييم الأحداث:
بعض الناس يُحمّلون الدولة المسؤولية الكاملة عن أي حادث
آخرون يرون أن السائق المخطئ هو الجاني الحقيقي
وهناك من يُطالب بالمحاسبة المشتركة: للدولة تقصيرها، وللفرد تهوره
وتصريحات ساويرس فتحت هذا الجدل مجددًا بين من يرى أن تحميل الوزير مسؤولية حادث فردي أمر غير منطقي، ومن يطالب بمحاسبة سياسية أوسع.
في ظل التغطيات الإعلامية والتحقيقات الجارية، من المنتظر أن يُعلن خلال الأيام المقبلة عن نتائج التحقيق، والتي ستحدد ما إذا كانت هناك أخطاء فنية أو بشرية، وقد تُمهّد لإجراءات إصلاحية على مستوى أوسع.
الجدل لا يكمن فقط في الحادث ذاته، بل في من يُحاسب ومن يُبرَّأ، وهي معركة وعي ومسؤولية لا يجب أن تُختزل في شخص أو تغريدة.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt