حكم قضاء صيام السنوات الفائتة بسبب المرض.. واعظ بالبحوث الإسلامية يرد
يطرح العديد من المسلمين سؤالًا شائعًا يتعلق بحكم قضاء صيام السنوات الفائتة بسبب المرض أو أي عذر آخر. ويأتي هذا التساؤل بشكل خاص مع اقتراب شهر رمضان المبارك.
حيث يحرص المسلمون على أداء العبادات على الوجه الأكمل. في هذا السياق، أجاب أحد وعاظ مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف عن حكم الشرع في من ترك صيام رمضان لعدة سنوات بسبب المرض ولم يتمكن من القضاء حتى الآن.
حكم قضاء صيام السنوات الفائتة بسبب المرض
أوضح واعظ مجمع البحوث الإسلامية أن قضاء الصيام واجب على من تركه بعذر شرعي، مثل المرض الشديد الذي لا يمكن معه الصيام. فإذا شُفي الشخص من مرضه وأصبح قادرًا على الصيام، وجب عليه قضاء ما فاته من أيام رمضان.
ما هو الواجب على المريض؟
- القضاء عند القدرة: إذا كان المرض مؤقتًا وشُفي المريض، فعليه قضاء الأيام الفائتة فور القدرة.
- الفدية عند العجز الدائم: إذا كان المرض مزمنًا أو دائمًا ولا يُرجى الشفاء منه، فعليه دفع فدية عن كل يوم أفطر فيه.
- جمع النية: ينوي القضاء عن كل يوم على حدة، ولا يجوز جمع عدة أيام في نية واحدة.
- ترتيب القضاء: من المستحب أن يتم القضاء بشكل متتابع، لكن ليس واجبًا.
حكم تأخير القضاء حتى دخول رمضان آخر
إذا تأخر الشخص في قضاء الصيام حتى دخل رمضان التالي، دون وجود عذر مشروع للتأخير، فيلزمه:
- القضاء مع الكفارة: وهي إطعام مسكين عن كل يوم تأخر فيه.
- الإسراع في القضاء: كلما كان ممكنًا، حيث لا يجوز التأخير بغير عذر.
- التوبة: لكونه قد فرط في أداء فرض من فروض الله.
حكم من عجز عن القضاء نهائيًا
هناك بعض الحالات التي قد لا يستطيع فيها الشخص قضاء الصيام حتى بعد زوال المرض، مثل:
- كبر السن وضعف البنية: حيث لا يقوى الشخص على الصيام مطلقًا.
- الأمراض المزمنة: مثل السكري أو أمراض القلب التي تتطلب تناول الأدوية بشكل مستمر.
في هذه الحالة، يجب على المسلم:
- إخراج الفدية عن كل يوم أفطر فيه.
- الفدية تكون بإطعام مسكين عن كل يوم بما يعادل وجبة مشبعة.
- يمكن إخراج الفدية دفعة واحدة أو متفرقة حسب القدرة.
كيفية احتساب الفدية
أوضح العلماء أن مقدار الفدية يعتمد على قيمة وجبة مشبعة واحدة، ويُفضل تقديم طعام يكفي لسد جوع المسكين.
- مقدار الفدية: تقريبًا ما يعادل كيلو ونصف من الطعام أو ما يعادلها من المال.
- أنواع الطعام: يمكن تقديم أرز، قمح، أو طعام جاهز.
- مكان الدفع: يفضل أن تكون الفدية في المكان الذي يقيم فيه الشخص أو حيث يوجد المحتاجون.
أمثلة عملية على قضاء الصيام
- إذا كان الشخص قد أفطر 10 أيام بسبب مرض، وتعافى بعد ذلك، فيجب عليه قضاء 10 أيام بمجرد القدرة.
- إذا دخل رمضان آخر ولم يقم بالقضاء، فيلزمه قضاء الأيام مع كفارة عن كل يوم تأخر فيه.
- إذا كان المرض مزمنًا لا يُرجى شفاؤه، فعليه إخراج فدية عن كل يوم.
حكم الجمع بين الفدية والصيام
أكد العلماء أنه لا يجمع بين الفدية والصيام إلا إذا كان التأخير بدون عذر حتى دخل رمضان آخر، ففي هذه الحالة يُلزم بالقضاء مع الفدية.
أما إذا كان التأخير بسبب مستمر كمرض دائم، فيكفي إخراج الفدية فقط.
النيّة في قضاء الصيام
عند الشروع في قضاء الصيام، ينبغي على المسلم أن يعقد النية من الليل قبل الفجر.
- نية القضاء: يجب أن تكون صادقة وواضحة بأن هذا الصيام هو قضاء لرمضان الفائت.
- نية الكفارة: إذا كان هناك تأخير متعمد، يجب أيضًا عقد النية على إطعام المسكين مع الصيام.
فتوى العلماء في الموضوع
أكد مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر أن من ترك الصيام بعذر مرضي عليه القضاء عند القدرة، وإن استمر العذر فعليه الفدية.
وقد استدل العلماء على ذلك بقول الله تعالى:
"فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ" (البقرة: 184).
كما أشاروا إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم:
"من مات وعليه صيام، صام عنه وليه" (متفق عليه).
وهو دلالة على أهمية قضاء الصيام ولو كان عن طريق الفدية في حال العجز الدائم.
نصائح للمسلمين
- المبادرة بقضاء الصيام فور الشفاء وعدم تأخير القضاء بلا مبرر.
- استشارة أهل العلم في الحالات التي يصعب فيها القضاء أو تحديد مقدار الفدية.
- التخطيط الجيد لصيام الأيام الفائتة بشكل متتابع لتسهيل القضاء.
- الإخلاص في النية والتقرب إلى الله بأداء هذا الفرض.
الخلاصة
قضاء صيام السنوات الفائتة بسبب المرض هو واجب شرعي يجب على المسلم الالتزام به فور القدرة على الصيام.
في حالة العجز الدائم عن القضاء، تكون الفدية هي الحل لتعويض هذا الفرض.
وينصح دائمًا بعدم التهاون في أداء الفروض، حيث أن الالتزام بأوامر الله تعالى يعكس صدق الإيمان ورغبة المسلم في طاعة الله.
