يتساءل الكثير من المواطنين عن الحكم الشرعي لشراء السيارات بنظام التقسيط من خلال البنوك، خاصة مع التوسع الكبير في البرامج التمويلية التي تقدمها المؤسسات المصرفية لشراء السيارات الجديدة والمستعملة، مما يجعل من الضروري توضيح الرأي الديني في هذا النوع من التعاملات المالية.
أجاب أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية عن هذا السؤال موضحًا أن حكم شراء السيارة بالتقسيط من خلال البنك يختلف حسب نوعية التعاقد وشكل التمويل، وأكد أن الأصل في المعاملات الإباحة، طالما لم تكن هناك مخالفة شرعية صريحة مثل الربا.
في هذه الحالة، يقوم البنك أولًا بشراء السيارة لنفسه من المعرض أو الوكيل، ثم يبيعها للعميل بالتقسيط مقابل سعر متفق عليه، يتضمن هامش ربح للبنك، ويكون العقد واضحًا ومحددًا.
وقد أكدت دار الإفتاء أن هذا النوع من البيع جائز شرعًا، ويُطلق عليه اسم بيع المرابحة للآمر بالشراء، ولا حرج فيه شرعًا طالما استوفت العقود الشروط الشرعية، ومنها:
أن يمتلك البنك السيارة أولًا قبل بيعها للعميل.
أن يتم تحديد السعر النهائي سلفًا بدون زيادة لاحقة في الأقساط.
أن تكون الأقساط ثابتة ولا تتغير مع مرور الوقت.
أما إذا كان البنك لا يشتري السيارة فعليًا، وإنما يقدم للعميل مبلغًا ماليًا لشراء السيارة بنفسه، على أن يتم السداد بفائدة متغيرة أو ثابتة، فإن هذا النوع من التعاملات يدخل في باب القرض بفائدة، والذي أجمعت أغلب الآراء الفقهية على تحريمه لوجود شبهة الربا.
لتكون عملية شراء السيارة بالتقسيط عن طريق البنك جائزة شرعًا، يجب توفر عدة ضوابط، أبرزها:
أن يتم تحرير عقد بيع بين البنك والمشتري بعد امتلاك البنك للسيارة.
أن يكون العقد خاليًا من أي شروط جزائية تؤدي لزيادة غير مشروعة على أصل الدين.
أن تكون الأقساط محددة مسبقًا دون تغير وفق تقلبات السوق أو تأخير السداد.
وضوح تام في سعر البيع وهامش الربح.
أكدت دار الإفتاء المصرية في العديد من الفتاوى أن التعامل مع البنوك في صورة شراء سلعة بالتقسيط بعد تملكها من البنك هو أمر مباح شرعًا ولا شيء فيه. أما التعامل الربوي الصريح (القرض بفائدة) فهو منهيّ عنه شرعًا.
وبالتالي، فإن التفصيل في شكل التعاقد هو الذي يحكم بجواز المعاملة من عدمه.
يرى علماء الفقه المعاصر أن البنوك إذا دخلت كطرف بائع للسلعة، فإن العقد يعتبر بيعًا لا قرضًا، ويجوز فيه وجود هامش ربح معلن. وهذا ما يميز المعاملة البنكية الجائزة عن الربا المحرم.
في حين يشير خبراء الاقتصاد الإسلامي إلى أن مثل هذه البرامج التمويلية تسهم في تيسير امتلاك الأصول بشكل يتوافق مع الشريعة، بشرط التزام البنك بالضوابط الشرعية المذكورة.
المرابحة هي بيع سلعة بثمن معين زائد على التكلفة، يُتفق عليه بين الطرفين، وهي جائزة إذا كانت السلعة مملوكة للبائع.
أما الربا فهو قرض يُرد بزيادة مشروطة، وهو محرم بإجماع علماء المسلمين.
شراء السيارة بالتقسيط عن طريق البنك جائز شرعًا بشرط أن يتملك البنك السيارة قبل بيعها، ويكون التعاقد بيعًا وليس قرضًا. ويجب على من يرغب في هذا النوع من الشراء أن يطلع بدقة على بنود العقد، ويتأكد من خلوه من أي شبهة ربوية، وأن البنك لا يُموّل نقدًا بل يبيع سيارة يملكها بالفعل.
وبذلك يستطيع المسلم أن يشتري سيارة بنظام تقسيط متوافق مع الشريعة، دون الوقوع في المحظور، مستفيدًا من التيسيرات البنكية ضمن إطار منضبط شرعيًا.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt