ميكسات فور يو
لصالح العمال أم أصحاب الأعمال؟ جدل حول قانون العمل الجديد
الكاتب : Mohamed Abo Lila

لصالح العمال أم أصحاب الأعمال؟ جدل حول قانون العمل الجديد

لصالح العمال أم أصحاب الأعمال؟ جدل حول قانون العمل الجديد


البرلمان يناقش التعديلات والمجتمع يترقب النتائج

أثار مشروع قانون العمل الجديد الذي يُناقش حاليًا تحت قبة البرلمان المصري، حالة من الجدل الواسع في الأوساط الاقتصادية والاجتماعية، بين من يعتبره خطوة مهمة نحو تنظيم العلاقة بين العامل وصاحب العمل، وتحقيق بيئة إنتاجية آمنة، وبين من يرى أنه يُميل الكفة لصالح أصحاب الأعمال على حساب حقوق العامل.

ويمثل هذا القانون إحدى الركائز التشريعية الكبرى التي تعتمد عليها الدولة لتحقيق العدالة الاجتماعية وتحسين بيئة العمل، خاصة بعد مرور أكثر من 20 عامًا على صدور القانون الحالي، وتراكم العديد من المشكلات والنزاعات داخل سوق العمل المصري، سواء في القطاع الخاص أو غير الرسمي.


أبرز أهداف قانون العمل الجديد

بحسب ما أُعلن حتى الآن، فإن القانون الجديد يسعى لتحقيق مجموعة من الأهداف الأساسية، منها:

  • تنظيم العلاقة التعاقدية بين العامل وصاحب العمل بشكل أكثر وضوحًا.

  • ضمان حقوق العمال المالية والتأمينية.

  • تشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي من خلال بيئة قانونية واضحة.

  • تقليل النزاعات العمالية داخل المحاكم وتقليل زمن الفصل فيها.

  • حماية المرأة والطفل وذوي الهمم في سوق العمل.

  • وضع ضوابط عادلة للفصل والاستقالة والإجازات.

وتؤكد الحكومة أن القانون الجديد لا يستهدف بأي حال الانتقاص من حقوق العمال، بل يعكس فلسفة جديدة تستند إلى التوازن بين أطراف العملية الإنتاجية.

المواد الأكثر جدلًا في القانون الجديد

أبرز ما أثار الجدل داخل القانون المقترح حتى الآن كان متعلقًا بعدد من المواد، أبرزها:

  • فصل العامل بعد الحصول على إنذارين دون الرجوع للمحكمة في بعض الحالات مثل الغياب أو الإضرار بمصالح العمل.

  • اختلاف الحد الأدنى للإجازات السنوية حسب سنوات الخدمة، وهو ما رآه البعض مجحفًا للعامل المبتدئ.

  • فترات التدريب والتأهيل غير مدفوعة الأجر في بعض الوظائف الجديدة.

  • إمكانية إنهاء التعاقد بسبب تكرار الإهمال المهني دون تدخل النقابات أو جهة قضائية.

وقد تباينت آراء النقابات العمالية، حيث طالبت بتعديل بعض البنود التي قد تُستخدم بشكل تعسفي من قبل بعض أصحاب العمل ضد العاملين، بينما أيدت بعض منظمات رجال الأعمال تلك التعديلات باعتبارها تحقق مرونة في سوق العمل وتُقلل من تكلفة النزاعات الطويلة.

رأي اتحاد العمال في التعديلات

أعلن اتحاد عمال مصر رفضه لبعض مواد القانون المقترح، مؤكدًا أن القانون يجب أن يكون في صالح الطرف الأضعف، وهو العامل، لا أن يُعيد إنتاج أدوات الهيمنة في سوق العمل.

وأشار مسؤولو الاتحاد إلى أنهم قدموا مذكرة شاملة للجنة القوى العاملة بمجلس النواب تتضمن:

  • الاعتراض على آليات الفصل دون حكم قضائي.

  • المطالبة بـ رفع الحد الأدنى للإجازات السنوية للعامل إلى 21 يومًا على الأقل.

  • حماية حقوق المرأة بشكل موسع وخاصة في حالات الحمل والرضاعة.

  • ربط الأجر بمعدلات التضخم وغلاء المعيشة بشكل سنوي.

وشددوا على ضرورة التريث في إصدار القانون حتى يتم الحوار المجتمعي الشامل الذي يضم العمال والنقابات والمجتمع المدني.

موقف أصحاب الأعمال

من جانبهم، يرى عدد من المستثمرين وأصحاب الأعمال أن القانون الجديد يُمثل خطوة في الاتجاه الصحيح، لأنه:

  • يُوفر إطارًا قانونيًا مرنًا للعقود والتعيينات.

  • يُقلل من حالات التهرب من التعاقدات بسبب الغموض القانوني.

  • يحد من تكاليف التقاضي والنزاعات الطويلة.

  • يُشجع على توسيع الاستثمار في المشروعات الصغيرة والمتوسطة.

وطالبوا بضرورة الحفاظ على البنود التي تُعطي حرية لصاحب العمل في إنهاء العلاقة التعاقدية في حالات واضحة، مثل الغياب المتكرر أو الإضرار المتعمد بمصالح المنشأة، شرط وجود ضوابط واضحة تحول دون التعسف.

جدل حول عقود العمل المؤقتة

واحدة من أبرز القضايا الشائكة التي ناقشها مشروع القانون هي عقود العمل المؤقتة، والتي يستخدمها عدد كبير من الشركات للتحايل على التعيين الرسمي.

وبينما طالب اتحاد العمال بمنع تجديد العقد المؤقت لأكثر من مرة، وإلزام أصحاب الأعمال بتثبيت العامل بعد 6 أشهر، ترى بعض الشركات أن ذلك يُعيق مرونتها التشغيلية، خصوصًا في قطاعات موسمية مثل السياحة والزراعة.

وتُحاول الحكومة الوصول إلى صيغة وسط تضمن استقرار العامل وتحميه من الفصل التعسفي، وفي نفس الوقت تسمح لأصحاب الأعمال بالاحتفاظ بهوامش تشغيل مناسبة.

حماية المرأة وذوي الاحتياجات الخاصة

من الإيجابيات التي أثارت ارتياحًا واسعًا في مشروع القانون ما يتعلق بـ:

  • حظر فصل المرأة الحامل أو أثناء إجازة الوضع.

  • تمديد إجازة الوضع إلى 4 أشهر مدفوعة الأجر.

  • إلزام المنشآت بتوفير حضانات للأطفال في حالة تواجد أكثر من 100 عاملة.

  • تخصيص نسبة لا تقل عن 5% من الوظائف لذوي الهمم في كل منشأة.

وتُعد هذه البنود من النقاط الإيجابية التي لاقت ترحيبًا واسعًا من منظمات المجتمع المدني، باعتبارها تُعزز من العدالة الاجتماعية داخل سوق العمل.

آلية الفصل وحالات إنهاء التعاقد

نص القانون المقترح على آلية جديدة لإنهاء العلاقة التعاقدية، تُحدد الحالات التي يجوز فيها فصل العامل دون حكم قضائي، منها:

  • تكرار الغياب لمدة 20 يومًا غير متصلة خلال العام.

  • الاعتداء على الزملاء أو المديرين أثناء العمل.

  • التسبب في أضرار مادية جسيمة للمنشأة.

  • ثبوت حالات الغش أو التزوير في الشهادات أو البيانات الوظيفية.

كما ينص على إنشاء لجنة ثلاثية في كل محافظة للفصل في النزاعات العمالية خلال مدة لا تتجاوز 30 يومًا، على أن يتم الطعن أمام المحكمة العمالية المختصة خلال أسبوع من صدور القرار.

مدى التوافق مع الدستور

أثار القانون الجديد تساؤلات قانونية حول مدى توافق بعض المواد مع نصوص الدستور المصري، خاصة ما يتعلق بحماية العامل من الفصل التعسفي، وضمان الحد الأدنى من الحقوق مثل الإجازات والتأمينات.

وأكدت اللجنة التشريعية في البرلمان أن القانون تم مراجعته بالكامل لضمان عدم تعارضه مع المواد الدستورية، مع التأكيد على حق العامل في اللجوء للقضاء في كل الأحوال، حتى مع وجود آليات جديدة للحسم الإداري.

متى يصدر القانون بشكل نهائي؟

أشارت مصادر برلمانية إلى أن مشروع قانون العمل الجديد قد يتم إقراره نهائيًا خلال دور الانعقاد الحالي، بعد الانتهاء من جلسات الاستماع والتعديلات، على أن يدخل حيز التنفيذ فور صدوره بالجريدة الرسمية.

وتم التوافق داخل اللجان النوعية على أهمية عقد جلسات حوار مجتمعي إضافية، وإتاحة الفرصة للنقابات المهنية والقطاع الخاص لتقديم ملاحظاتهم، قبل الصياغة النهائية.

هل يعيد القانون التوازن المفقود؟

يبقى السؤال الأكبر الذي يشغل الشارع الآن: هل يعيد قانون العمل الجديد التوازن للعلاقة بين العامل وصاحب العمل؟

الإجابة ستظل رهينة بنصوص القانون النهائية، وقدرته على تطبيق الحماية للعامل دون الإضرار بمناخ الاستثمار، وهو ما تسعى إليه الدولة حاليًا من خلال إصلاح تشريعي متدرج وعادل.

التعليقات

لا يوجد تعليقات

اترك تعليق

يجب تسجيل الدخول أولا. تسجيل الدخول

قد يهمك أيضا

تعــرف على ميكسات فور يو
اتصل بنا
سياسة الخصوصية
من نحن
خريطة الموقع
تابعنا علي منصات السوشيال ميديا

جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt

Loading...