منذ إعلان الحكومة عن خطتها لتوفير وحدات سكنية بديلة لمستأجري الإيجار القديم، أصبح هذا الملف من أكثر الموضوعات التي تشغل الرأي العام، خاصةً أن قانون الإيجار القديم ظل لعقود طويلة من القضايا المثيرة للجدل بين الملاك والمستأجرين. وفي ضوء التوجهات الجديدة للدولة نحو تحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير حلول متوازنة للطرفين، تم الإعلان عن آلية جديدة تتيح للمستأجرين التقدم للحصول على وحدات بديلة مناسبة، وفق شروط وضوابط محددة.
في هذا المقال، نستعرض بشكل تفصيلي موعد بدء تلقي الطلبات، والفئات المستفيدة، والشروط المطلوبة، بالإضافة إلى آلية التقديم خطوة بخطوة، مع استعراض رؤية الخبراء حول أهمية هذه الخطوة في إعادة تنظيم سوق العقارات والإيجارات في مصر.
وفقًا لما أعلنته وزارة الإسكان بالتعاون مع وزارة التنمية المحلية، فمن المقرر أن تبدأ الحكومة في تلقي طلبات الحصول على وحدات الإسكان البديل للإيجار القديم مع بداية شهر أكتوبر المقبل. وسيتم فتح باب التقديم رسميًا لمدة ثلاثة أشهر كمرحلة أولى، على أن يتم مد الفترة في حال زيادة الإقبال أو وجود احتياجات إضافية.
وأكدت الحكومة أن الهدف الأساسي من هذا القرار هو إتاحة الوقت الكافي لجميع المستفيدين لتجهيز أوراقهم وتقديم طلباتهم بشكل سلس، دون تعريضهم لأي ضغوط زمنية، خاصة أن الملف يمس شريحة كبيرة من المواطنين.
تستهدف الدولة في هذه المرحلة توفير الوحدات البديلة لعدة فئات، يأتي في مقدمتها:
المستأجرون في العقارات القديمة المتهالكة التي صدر لها قرارات إخلاء بسبب خطورتها على الأرواح.
الأسر محدودة الدخل التي لا تملك أي سكن آخر بخلاف الوحدة القديمة.
المستأجرون في الوحدات غير السكنية (مثل المحال التجارية) وفق ضوابط خاصة.
الفئات الأولى بالرعاية مثل الأرامل، المطلقات، كبار السن، وذوي الهمم.
بهذه الطريقة تسعى الدولة لتحقيق التوازن بين حق الملاك في استعادة وحداتهم، وحق المستأجرين في الحصول على سكن كريم يتناسب مع أوضاعهم الاقتصادية.
حددت وزارة الإسكان مجموعة من الشروط التي يجب أن تتوافر في المتقدمين، أبرزها:
أن يكون المتقدم مصري الجنسية.
أن يكون المستأجر مقيمًا في الوحدة القديمة حتى تاريخ صدور القانون الجديد.
ألا يكون للأسرة أي وحدة سكنية أخرى تمليكًا أو إيجارًا.
تقديم ما يثبت دفع الإيجار بانتظام خلال السنوات الماضية.
الالتزام بدفع القيمة الإيجارية المحددة للوحدة البديلة وفق الأسعار الجديدة.
كما شددت الوزارة على أن أي بيانات غير صحيحة أو محاولات للتحايل ستؤدي إلى رفض الطلب بشكل نهائي، مع اتخاذ الإجراءات القانونية ضد مقدم الطلب.
التقديم للحصول على وحدات الإسكان البديل سيكون إلكترونيًا لتسهيل الإجراءات وتجنب التكدسات. وجاءت الآلية على النحو التالي:
الدخول على الموقع الرسمي لوزارة الإسكان أو بوابة "صندوق الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري".
إنشاء حساب جديد على المنصة وملء الاستمارة الإلكترونية المخصصة.
رفع المستندات المطلوبة، مثل:
بطاقة الرقم القومي سارية.
عقد الإيجار القديم مثبت التاريخ.
إيصالات سداد الإيجار لآخر 3 سنوات.
شهادة من الحي أو الوحدة المحلية تثبت الإقامة بالوحدة.
دفع رسوم التقديم الرمزية عبر وسائل الدفع الإلكتروني المتاحة.
الحصول على رقم طلب لمتابعة حالة الملف لاحقًا.
وبعد استيفاء المستندات، سيتم مراجعة الطلبات من خلال لجان مختصة، ثم يتم إخطار المقبولين بمواعيد تسلم وحداتهم.
أعلنت وزارة الإسكان أن الوحدات سيتم توفيرها في 10 محافظات كمرحلة أولى، على أن يتم التوسع لاحقًا لتغطية باقي المحافظات. ومن بين هذه المحافظات: القاهرة، الجيزة، الإسكندرية، الشرقية، الغربية، المنوفية، القليوبية، أسيوط، سوهاج، والدقهلية.
وقد تم اختيار هذه المحافظات بناءً على الكثافة السكانية وعدد حالات الإخلاء المتوقع، مع مراعاة قرب الوحدات من مواقع سكن المستأجرين الأصليين قدر الإمكان.
واحدة من أكثر النقاط التي تثير الجدل هي قيمة الإيجار في الوحدات البديلة. ووفقًا لتصريحات وزارة الإسكان، فإن القيمة الإيجارية ستكون مخفضة ومدعومة للفئات غير القادرة، حيث تبدأ من 300 جنيه شهريًا للشقق الصغيرة، وتصل إلى 700 جنيه للشقق الأكبر.
أما بالنسبة للفئات الأعلى دخلًا، فقد تصل القيمة إلى 1200 جنيه شهريًا، بما يضمن عدالة في توزيع الدعم وعدم تحميل الدولة أعباءً إضافية.
أثار الإعلان عن موعد التقديم للوحدات البديلة حالة من التباين في الشارع المصري. فبينما اعتبره بعض المستأجرين "طوق نجاة" لهم بعد سنوات من القلق بشأن مصيرهم، يرى آخرون أن قيمة الإيجار الجديدة لا تزال مرتفعة مقارنة بدخولهم.
أما الملاك فقد اعتبروا أن هذه الخطوة تحقق جزءًا من العدالة المنتظرة منذ سنوات، حيث تتيح لهم استعادة وحداتهم أو الاستفادة منها اقتصاديًا بعد تحرير العلاقة الإيجارية.
يمثل هذا القرار خطوة كبيرة نحو إعادة تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر بعد عقود من الجدل القانوني. كما أنه يفتح الباب أمام سوق عقاري أكثر عدالة وشفافية، ويمنح المستأجرين فرصة للعيش في وحدات آمنة وصالحة للسكن.
وبحسب خبراء العقارات، فإن توفير بدائل عملية للمستأجرين يسهم في تقليل النزاعات القضائية بين الطرفين، ويدعم خطة الدولة لتحقيق التنمية العمرانية المتوازنة.
بدء تلقي طلبات وحدات الإسكان البديل للإيجار القديم يمثل تحولًا مهمًا في ملف طالما كان شائكًا. ومع بداية أكتوبر المقبل، ستتاح الفرصة لمئات الآلاف من الأسر لتقديم طلباتهم إلكترونيًا، في خطوة تعكس حرص الدولة على تحقيق التوازن بين حقوق الملاك والمستأجرين.
هذه الخطوة ليست مجرد حل مؤقت، بل تمثل جزءًا من استراتيجية شاملة لتطوير سوق العقارات وتوفير سكن كريم للمواطن المصري، بما يواكب رؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt