تتجه أنظار المصريين اليوم إلى مشروع مترو الإسكندرية، أحد أبرز مشروعات النقل الحضري التي تطلقها الدولة، والذي يعد نقلة نوعية في منظومة المواصلات بالمحافظة الساحلية. يسير على مسار يمتد 21 كيلومترًا، يربط قلب المدينة بالشمال والجنوب، ويعد بتقديم خدمات حديثة ذات سرعة وكفاءة عالية، تعمل على تقليل زمن التنقل إلى حوالي 25 دقيقة بدلًا من أكثر من ساعة في أفضل الأحوال حاليًا.
المشروع يحمل تطلعات كبيرة لتخفيف الازدحام المروري، وتحسين جودة الحياة للسكان، فضلاً عن تحفيز التنمية العمرانية على امتداد مساره.
يبدأ الخط من منطقة برج العرب في الغرب، مارًّا بـمحطّات رئيسية متناغمة مع كثافة السكان، متجهًا شرقا إلى مينا البصل عند الساحل، ثم الانعطاف جنوبًا نحو برج العرب الجديدة والمناطق الصناعية المجاورة. يضم المشروع نحو 18 محطة رئيسية، موزعة بطريقة استراتيجية لتغطية أكبر عدد من التجمعات السكنية والأنشطة الحيوية.
وتُعتبر محطات التوقف نقاط ربط أساسية مع وسائل النقل الأخرى، مثل الحافلات والنقل الجماعي الخفيف، ما يعزز التكامل بين منظومة المواصلات.
يهدف المشروع لتقليل الزمن المستغرق عبر القطع الكامل للمسار (21 كلم) إلى حوالي 25 دقيقة فقط. يعتمد ذلك على:
سرعة تشغيل تصل إلى 80 كم/س بين المحطات.
منظومة توقيت ذكية لضمان انتظام القطار وتقليل فترة الانتظار.
تبني وسائل إشغال ذكية تضمن تقليل فترات التوقف عند كل محطة.
وبهذا يحقق المشروع معدلات زمنية تمكّن الركاب من زيارة مناطق وسواحل الإسكندرية في أقل من نصف ساعة، بدلًا من الرحلات الطويلة عبر طرق مزدحمة.
استبدال مسافات طويلة في شوارع مليئة بالحافلات الصفراء والتاكسيات بسيارات مترو حضرية يسهم في تحرير الطرق التي تعتمد حاليًا على النقل التقليدي.
المشروع سيمكن الأشخاص من الوصول سريعًا إلى أماكن العمل والخدمات، مما يعزز القدرة على الموازنة بين العمل والأوقات الحرة، ويخفف من مشقة التنقل خلال وقت الذروة أو الأوقات الحارة.
مع تحسن المواصلات، ستنشأ مناطق عمرانية جديدة بمحاذاة المسار، مستفيدة من الخدمة لتأسيس أحياء سكنية وتجارية حديثة.
المشروع يأتي ضمن خطط الدولة لتطوير البنية التحتية عبر تمويل حكومي وريادي من جهات تنموية. ويشمل:
تكاليف تقدر بعشرات المليارات لتغطية المسار، المحطات، والقطارات.
مشاركة من شركات عالمية في إدارة التنفيذ أو الأجهزة والمعدات.
تمويل مستدام يضاف إلى خطة الدعم الطموحة للهيئات التي تُعنى بالتنمية الحضرية.
رغم الإيجابيات، ثمة تحديات قد تواجه المشروع:
ارتفاع التكلفة التأمينية والتشغيلية: يستوجب الأمر ضبط جدوى النمو الاقتصادي بعد التشغيل.
توقع مضاعفة الضغط على الخدمات الأخرى: مثل مياه الشرب وكهرباء الإضاءة بمحطة كل محطة في حال عدم التقدير المسبق للمرافق.
الحفاظ على انتظام الخدمة: خصوصًا عند ضعف الصيانة أو نقص المعدات الاحتياطية، مما قد ينعكس على جاذبية المشروع.
تشكل حاليًا الحافلات والتكاتك ووسائل النقل التقليدية العمود الفقري لحركة المواطنين داخل الإسكندرية. لكن:
المترو يقدم وسيلة أسرع وأقل ازدحامًا.
يربط مناطق بعيدة مثل جبل محسن والدخيلة والبترول والساحل الغربي.
يحد من التلوث المروري والتلوث البيئي، خصوصًا في قلب المدينة.
يحقق معدلات موثوقية أعلى في أوقات الذروة والطقس السيئ، مقارنة بالنقل السطحي.
أثبتت التجارب العالمية أن المشاريع المشابهة جلبت:
انخفاضًا ملحوظًا في زمن الرحلات (أحيانًا إلى النصف).
دفعًا للاستثمارات العقارية على امتداد المسارات.
تحسينًا بيئيًا عبر تقليل استخدام السيارات الخاصة.
ويمكن للإسكندرية أن تنسق مع هذه التجارب لضمان كشف تحديات مسبقة مثل إدارة الحشود والتكامل مع النقل البحري والعابر.
مشروع مترو الإسكندرية يحمل طموحات كبرى للنهوض العمراني والاقتصادي، إذ يعد جزءًا من استراتيجية شاملة للنقل الحضري، ترتكز على:
ترشيد حركة المرور والمواصلات.
تفعيل الاستثمارات السكنية والخدماتية الجديدة.
تنشيط السياحة البيئية والزوار الداخليين.
لكن النجاح النهائي يعتمد على ضمان تمويل مستدام، صيانة مستمرة، وتكامل حكومي متكامل بين النقل البري والبحري والنقل الجماعي التقليدي، حتى لا تتحول المحطات إلى أماكن عبور فقط، دون خدمة فعالة للركاب.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt