تواصل الدولة المصرية تعزيز منظومة التعليم الفني عبر تأسيس مدارس تكنولوجيا تطبيقية تقدم نموذجًا تعليميًا يجمع بين الدراسة العلمية والتدريب العملي بالشراكة مع كبرى الشركات. وتأتي مدرسة الصالحية للتكنولوجيا التطبيقية في محافظة الشرقية كأحد أهم هذه الصروح، إذ تفتح أبوابها أمام خريجي المرحلة الإعدادية للالتحاق بتخصصات تلائم احتياجات سوق العمل المتجدّد حتى عام 2025 وما بعده. في هذا التقرير نعرض تفاصيل التخصصات المطلوبة، مزايا الالتحاق، معايير القبول، والخريطة المستقبلية للمدرسة.
تقع مدرسة الصالحية للتكنولوجيا التطبيقية داخل مدينة الصالحية الجديدة، وهي مدينة صناعية وزراعية واعدة تتميز بوجود مصانع في مجالات الصناعات الغذائية والهندسية والألبان والإنتاج الحيواني. يتيح هذا الموقع الاستراتيجي للطلاب تدريبًا عمليًا مباشرًا في المصانع المحيطة، ما يضمن اندماجًا حقيقيًا مع بيئة العمل منذ السنة الأولى.
تعتمد فلسفة المدرسة على متابعة التطورات الصناعية والتكنولوجية الإقليمية والعالمية، ثم تصميم تخصصات تناسب هذه الاحتياجات الواقعية. ويتعاون فريق التخطيط بالمدرسة مع وزارة التربية والتعليم وهيئة تنمية الصالحية الجديدة، إضافة إلى شركاء صناعيين، لرصد أكثر المجالات طلبًا وتزويد المناهج بالمهارات الرقمية والتقنية الملائمة.
يُعد قطاع الصناعات الغذائية من أسرع القطاعات نموًا في مصر، بسبب التوسع الكبير في التصدير والتصنيع الزراعي. يركز هذا التخصص على تقنيات المعالجة والتعبئة وضبط الجودة ونظم سلامة الغذاء الحديثة. يتلقى الطالب تدريبًا على خطوط الإنتاج، تحليل المكونات، طرق التخزين، ومعايير الاعتماد الدولي للسلامة الغذائية. الخريج في هذا المسار يجد فرصًا في مصانع الألبان والمشروبات والحبوب المجففة ومصانع العبوات الغذائية، كما يمكنه إنشاء مشروع صغير في مجال التعبئة والتغليف.
الميكاترونيات هي مجال يجمع بين الميكانيكا والإلكترونيات ونظم التحكم، وتزداد حاجته مع الاعتماد المتزايد على خطوط الإنتاج المؤتمتة. يتعلم الطالب برمجة المتحكمات الدقيقة، تصميم الدوائر الإلكترونية، صيانة الروبوتات الصناعية، وتشخيص الأعطال باستخدام أجهزة قياس متقدمة. ويضم البرنامج ساعات معملية مكثفة تركز على تركيب وصيانة الأذرع الروبوتية وأجهزة المستشعرات. بعد التخرج يحصل الطالب على شهادة مهارة معتمدة تؤهله للعمل في شركات تركيب الأنظمة الآلية أو مزودي الخدمات الهندسية.
يتميز مركز الصالحية الجديد بأنه حاضنة لمزارع كبرى تعتمد منظومات ري متطورّة وآلات حصاد رقمية. يستهدف هذا التخصص تدريب الطلاب على تشغيل وصيانة المعدات الزراعية الحديثة مثل الجرارات الموجهة بنظام تحديد المواقع وأنظمة الري بالتحكم عن بعد. كما يكتسب الطالب مهارات تحليل بيانات التربة والمناخ وتوظيف أنظمة إنترنت الأشياء لرفع كفاءة الزراعة. تحظى المدرسة بشراكة مع مزرعة ألبان ومركز بحوث زراعي لتوفير تدريبات حقلية واقعية، مما يمنح الخريجين ميزة تنافسية في سوق العمل الزراعي عالي التقنية.
يشترط للتقدم إلى مدرسة الصالحية للتكنولوجيا التطبيقية حصول الطالب على شهادة إتمام المرحلة الإعدادية بمجموع لا يقل عن الحد الأدنى الذي يحدده تنسيق كل عام. كما يخضع المتقدم لاختبارات قدرات تقيس مهارات التفكير المنطقي والميول الفنية، إضافة إلى مقابلة شخصية لتقييم شغف الطالب بالتعليم العملي. تُعطى الأولوية لأبناء محافظة الشرقية ثم المحافظات المجاورة؛ مراعاة لقرب المسافة وسهولة التدريب بالمصانع. كذلك تشترط المدرسة على المقبولين الالتزام بالحضور المنتظم، إذ تعتمد على نظام الجدول المزدوج بين الفصول الدراسية وورش التدريب.
تعتمد المدرسة منهجًا مرنًا مدته ثلاث سنوات، يشمل مقررات أساسية في العلوم والرياضيات واللغات إلى جانب مقررات تخصصية. يُقسّم الأسبوع الدراسي إلى أيام نظرية وأخرى عملية، حيث يقضي الطالب ما لا يقل عن أربعين بالمئة من وقته داخل ورش ومختبرات. وعند نهاية كل فصل دراسي تُخصص أسابيع للتدريب في مواقع العمل الفعلية بالتناوب مع الدراسة. كما تتعاون المدرسة مع جهات أجنبية لإدخال وحدات تعليمية عن الثورة الصناعية الرابعة، وإنترنت الأشياء، والمهارات الرقمية، ليكون الخريج مهيأً للعمل داخل مصانع ذكية.
أبرمت مدرسة الصالحية اتفاقيات تعاون مع عدة مصانع وشركات داخل المنطقة الصناعية بالصالحية وخارجها. تلتزم هذه الشركات بتوفير التدريب العملي خلال الدراسة، وتعيين نسبة من الخريجين سنويًا وفق احتياجاتها. تشمل مجالات التوظيف مصانع الأجبان والمجففات، مراكز الخدمة الهندسية للصيانة، شركات إنتاج الأعلاف، ومشروعات الزراعات المحمية. كما تقدم المدرسة حاضنة أعمال لتشجيع الخريجين على تنفيذ مشاريع صغيرة في مجال التعبئة والتغليف أو خدمات الميكاترونيات.
يحصل الطالب المقبول على منحة دراسية تغطي الزي المدرسي والأدوات والمناهج العملية، بالإضافة إلى بدل تدريب رمزي خلال فترة العمل بالمصنع. كما يتمتع بتأمين صحي وتطبيق إجراءات سلامة مهنية تشرف عليها وزارة التعليم ووزارة القوى العاملة. يتمتع ولي الأمر بمتابعة دورية لأداء الطالب عبر منصة رقمية تعرض تقارير الحضور والمهارات المكتسبة، ما يعزز الثقة في جودة التعليم.
تسعى إدارة المدرسة إلى إضافة تخصصات جديدة خلال السنوات الخمس المقبلة من بينها تكنولوجيا الطاقة الشمسية وتدوير المخلفات الصناعية. تُبذل جهود لتشييد ورش إضافية تضم خطوط إنتاج تعليمية صغيرة تحاكي البيئة الصناعية، مع استخدام برمجيات محاكاة متقدمة. كما تخطط المدرسة لإبرام شراكات دولية للحصول على شهادات جودة أجنبية تعزز الاعتراف الدولي بشهادة الخريجين وتتيح فرص عمل خارج حدود البلاد.
أطلقت المدرسة منصة إلكترونية تتيح للطالب ملء استمارة التقديم وإرفاق المستندات المطلوبة، مثل شهادة الإعدادية وشهادة الميلاد وصورة شخصية. بعد إغلاق باب التقديم يتم إعلان مواعيد اختبارات القدرات عبر المنصة نفسها. وعلى الطالب اجتياز الاختبار والمقابلة للحصول على القبول النهائي. يُشترط كذلك اجتياز الكشف الطبي وإقرار ولي الأمر بالتزام الطالب بنظام المدرسة الداخلي.
من المهم للطالب المهتم بإحدى هذه التخصصات تنمية مهاراته في الرياضيات والعلوم الأساسية قبل التقديم. يُنصح أيضًا بمتابعة الدورات المجانية المتاحة عبر الإنترنت في مجالات الإلكترونيات والبرمجة الأساسية، لتسهيل اجتياز اختبار القدرات. أما بالنسبة للمقابلة الشخصية، فيُفضل أن يوضح الطالب شغفه بالعمل التطبيقي ورغبته في اكتساب خبرة عملية تساعده على دخول سوق العمل سريعًا.
يسهم وجود مدرسة تكنولوجيا تطبيقية في الصالحية في رفع كفاءة القوى العاملة وتزويد الصناعة المحلية بالعمالة المدربة. كما يعزز المشروع جذب استثمارات إضافية إلى المنطقة الصناعية بفضل توفر كوادر بشرية مؤهلة. على المدى الطويل، يساعد ذلك في زيادة حجم الصادرات الصناعية وتحسين القيمة المضافة للمنتجات الزراعية والغذائية، ما ينعكس إيجابًا على النمو الاقتصادي وتوفير فرص عمل للشباب.
تقدم مدرسة الصالحية للتكنولوجيا التطبيقية نموذجًا متقدمًا يجمع بين التعليم والتدريب لسد فجوة المهارات في سوق العمل. ومع طرح تخصصات الصناعات الغذائية والميكاترونيات والصيانة الزراعية الذكية، تتيح المدرسة للخريجين مستقبلًا مهنيًا واعدًا وفرصًا حقيقية للمشاركة في تنمية الاقتصاد الوطني. إذا كنت خريجًا حديثًا من المرحلة الإعدادية، فاختيارك لهذه المدرسة قد يكون الخطوة الأولى نحو مسار مهني مليء بالتحديات والفرص.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt
