في تصريحات صادمة وملفتة، فتح الكاتب الصحفي والإعلامي الكبير مجدي الجلاد النار على أداء الحكومة عقب الحادث المأساوي الذي شهدته محافظة المنوفية مؤخرًا، معتبرًا أن ما حدث يُعد انعكاسًا مباشرًا لغياب الوعي السياسي والإداري داخل مؤسسات الدولة، وطريقة تعاملها مع الأزمات التي تمس حياة المواطن وتؤثر على الرأي العام.
شهدت محافظة المنوفية حادثًا مأساويًا خلال الأيام الماضية، حيث وقعت واقعة مؤلمة راحت ضحيتها أرواح بريئة، وأثارت حالة من الغضب والحزن بين المواطنين. لم يكن الحادث في ذاته هو ما أثار الجدل فقط، بل الطريقة التي تعاملت بها أجهزة الدولة والإعلام الرسمي مع الحدث، وهو ما دفع كثيرين إلى توجيه الانتقادات للحكومة على رأسهم مجدي الجلاد.
أشار مجدي الجلاد في تصريحاته إلى أن الحكومة تعاملت مع الحادث وكأنه أمر إداري عادي، في حين أن الحوادث التي تمس حياة الناس يجب أن تُدار على أعلى مستوى من الحس السياسي والإنساني. وأوضح أن غياب وزير أو مسؤول بارز من موقع الحادث يؤكد وجود انفصال واضح بين الدولة والمجتمع.
أحد أهم النقاط التي أثارها الجلاد كانت بطء رد الفعل الحكومي، حيث مرت ساعات طويلة بعد الحادث دون صدور أي بيان رسمي يطمئن المواطنين أو يشرح ما حدث، وهو ما تسبب في انتشار الشائعات وتضخيم الأزمة إعلاميًا وعلى وسائل التواصل الاجتماعي. واعتبر الجلاد أن هذا الصمت غير مبرر ويُضعف ثقة المواطنين في الحكومة.
قال الجلاد إن الإدارة السياسية للأزمات غائبة بشكل واضح، مشيرًا إلى أن الحوادث الكبرى يجب أن يُنظر إليها باعتبارها اختبارًا للثقة بين الدولة والشعب. وأضاف أن الكارثة لا تكمن فقط في الحدث نفسه، بل في طريقة التفاعل معه، سواء من حيث التواصل مع الرأي العام أو من حيث القرارات الفورية.
يُعرف مجدي الجلاد بأنه أحد أبرز الأصوات الإعلامية ذات الثقل في مصر، وكان دائمًا قريبًا من نبض الشارع، ويُعبّر عن المخاوف والملاحظات التي يحملها المواطن. وبالتالي فإن خروجه بهذا الشكل العلني لمهاجمة أداء الحكومة يعكس حجم الأزمة الشعبية التي سببها الحادث، ومدى تأثر المواطنين به.
أوضح الجلاد أن الحكومة قد تنجح في تقديم أداء فني جيد – من تحقيقات وقرارات إدارية – لكنها تُخفق في الأداء السياسي المطلوب في الأوقات الحرجة. فالمواطن لا يحتاج فقط إلى معرفة تفاصيل التحقيق، بل إلى الشعور بأن هناك من يشعر به ويقف بجانبه، وهذا الدور يقع على السياسيين قبل الإداريين.
طرح الجلاد تساؤلات مهمة عن كيفية إدارة الأزمات في دول العالم المختلفة، مؤكدًا أن أي حادث مشابه في دولة أخرى يستدعي ظهور فوري للمسؤولين في الميدان، وتقديم خطابات مباشرة للمواطنين، وعقد مؤتمرات صحفية، وتكثيف الجهود الإعلامية لضمان الشفافية.
لم تسلم وسائل الإعلام الرسمية من انتقادات الجلاد، حيث أشار إلى أن القنوات والصحف التابعة للدولة تأخرت في التغطية، ولم تُقدّم صورة مهنية أو موضوعية للحادث، وهو ما زاد من إحساس المواطنين بالعزلة وعدم الاهتمام. وأكد أن الإعلام يجب أن يكون شريكًا في إدارة الأزمة، لا مجرد ناقل للأخبار.
لفت الجلاد إلى غياب الصوت البرلماني القوي في مثل هذه القضايا، مؤكدًا أن البرلمان عليه دور كبير في مراقبة الأداء الحكومي والمطالبة بالتحقيق في الحوادث التي تمس حياة المواطنين. وأضاف أن الصمت البرلماني يُشجع على ضعف الأداء التنفيذي.
وجه الجلاد رسالة واضحة للحكومة مفادها أن "الشعب لا ينتظر المعجزات، لكنه يحتاج إلى حكومة تتفاعل معه سياسيًا وإنسانيًا قبل أن تكون فنية أو تنفيذية"، مشددًا على أهمية المصارحة والشفافية في التعامل مع الكوارث، وإعطاء المواطن قدره من الاهتمام والاحترام.
أوضح الجلاد أن غياب الوعي السياسي لا يؤدي فقط إلى سوء إدارة الأزمات، بل يتسبب في:
تفاقم الغضب الشعبي
تزايد الشكوك في نوايا الحكومة
انتشار المعلومات المضللة
ضعف الانتماء الوطني تدريجيًا
وأكد أن هذه الأعراض تُشكّل خطرًا حقيقيًا على تماسك المجتمع وثقة الناس في الدولة.
نعم، أكد الجلاد أن إعادة بناء الثقة ممكنة، لكنها تتطلب إرادة سياسية حقيقية، تبدأ من تدريب المسؤولين على كيفية التواصل مع الناس، والاعتراف بالأخطاء عند حدوثها، والحرص على أن يكون للسياسي دور فاعل في إدارة الدولة، لا أن يختفي وقت الأزمات.
يريد المواطن البسيط أمرين فقط، بحسب الجلاد:
الاحترام: أن يشعر أنه مهم في نظر دولته، وأن صوته مسموع
الشفافية: أن يعرف الحقيقة بوضوح، لا أن تُخفى عنه أو تُجمّل له
وأشار إلى أن كل جهد حكومي يجب أن ينطلق من هذين المبدأين، وإلا فستبقى الفجوة بين الدولة والمجتمع قائمة.
أشار الجلاد إلى أن زمن السوشيال ميديا لا يسمح بـ"التعتيم"، فالمعلومة تنتشر في لحظات، والأكاذيب تجد طريقها بسهولة. ولذلك فإن سرعة الاتصال بالمواطنين وتقديم بيانات دقيقة وواضحة هو السبيل الوحيد لمحاصرة الفوضى ومنع الانفجار الشعبي.
ربما يكون هذا الحادث فرصة لإعادة النظر في آليات التواصل والإدارة، وإدراك أن السياسة ليست فقط قوانين وقرارات، بل هي شعور وانفعال وتجاوب مع الناس. وقد يكون تصريح الجلاد بمثابة ناقوس خطر يدعو إلى التغيير قبل أن تتكرر الكارثة.
أكد الجلاد في ختام تصريحاته أن الوقت لم يفت، والحكومة تستطيع أن تعيد تصحيح المسار من خلال:
الخروج الفوري بمؤتمر صحفي شفاف
محاسبة المقصرين علنًا
تقديم خطاب سياسي يُطمئن الناس
تعزيز دور الإعلام الحقيقي
تقوية الحضور البرلماني
كل هذه الخطوات قد تُعيد ثقة المواطن، وتمنع انهيار العلاقة بين الطرفين.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt