مع اقتراب موسم الحج لعام 2025، بدأ المسلمون حول العالم، وبخاصة في مصر، في الاستعداد الروحي والعملي لأداء الركن الخامس من أركان الإسلام. وفي هذا السياق، تم الإعلان رسميًا عن المواعيد التي تُحدد بداية ونهاية مناسك الحج لهذا العام، وهي التواريخ التي ينتظرها ملايين من الحجاج والمهتمين بالتنظيم الديني والمجتمعي لهذا الحدث السنوي الكبير.
ويمثل موسم الحج واحدًا من أبرز المحطات الروحية في حياة المسلمين، حيث تتجدد فيه مفاهيم الطاعة، والتجرد من الماديات، والوحدة بين الشعوب الإسلامية في أجواء من السكينة والخشوع.
يبدأ شهر ذي الحجة في نهايات شهر مايو 2025، وتحديدًا في اليوم الثامن والعشرين من الشهر، وفق الحسابات الفلكية المتوافقة مع الرؤية الشرعية. ويُعد هذا اليوم بداية العد التنازلي الرسمي لانطلاق مناسك الحج، حيث يبدأ الحجاج في التحرك نحو الأراضي المقدسة، سواء من داخل المملكة أو من خارجها.
ومع دخول أول أيام ذي الحجة، تتوجه الأنظار إلى مكة المكرمة، حيث تبدأ الاستعدادات الفعلية لتنفيذ مناسك الحج، وسط تجهيزات خدمية وتنظيمية ضخمة.
ويمثل هذا اليوم انطلاقة روحية كبرى للحاج، حيث يتهيأ نفسيًا وجسديًا لخوض رحلة من أعظم الرحلات الإيمانية في حياته.
في التاسع من ذي الحجة، والذي يوافق الجمعة السادس من يونيو 2025، يقف الحجاج على صعيد عرفة، وهو أهم أركان الحج وأعظمها، ويُطلق عليه "الركن الأعظم".
وفي هذا اليوم، يجتمع الملايين في مشهد مهيب، يتضرعون إلى الله بالدعاء والمغفرة، ويستشعرون التواضع الكامل أمام عظمة الخالق، وقدسية المكان والزمان.
الوقوف بعرفة من زوال الشمس إلى غروبها، ويليه الانطلاق إلى مزدلفة، حيث يبيت الحجاج ويجمعون الجمرات استعدادًا لأيام التشريق.
ويشهد هذا اليوم حالة من النشاط المكثف في الحرم المكي والمشاعر المقدسة، حيث تُؤدى عدة مناسك متتالية في وقت ضيق نسبيًا، وسط تنظيم شديد الدقة.
تمتد أيام التشريق لثلاثة أيام متتالية بعد عيد الأضحى، وهي الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة، وتوافق تواريخ 8، 9، و10 يونيو 2025.
وخلال هذه الأيام، يقوم الحجاج برمي الجمرات الثلاث، وتستمر المبيتات في منى، حيث يمكن للحاج أن يتعجل في الخروج بعد اليوم الثاني عشر إن أراد.
تُعتبر أيام التشريق فرصة إضافية للحجاج للإكثار من الذكر والدعاء، وللاستزادة من الأجر قبل ختام الرحلة.
قبل مغادرة مكة المكرمة، يؤدي الحجاج طواف الوداع، وهو الطواف الأخير حول الكعبة الشريفة، ويُعد وداعًا رمزيًا لهذا الركن العظيم، وتأكيدًا على ختام المناسك بطاعة كاملة.
ويُشترط أن يتم الطواف بعد انتهاء جميع أعمال الحج، وقبل السفر مباشرة، ولا يُعفى منه إلا المرأة في حال العذر الشرعي.
تحديد بداية ونهاية مناسك الحج لا يحمل فقط بُعدًا دينيًا، بل له أهمية تنظيمية وإدارية كبرى، حيث تتطلب هذه الرحلة تنسيقًا على أعلى مستوى بين الجهات المسؤولة عن النقل، والإقامة، والخدمات الصحية، والأمن، والفتوى.
وتساعد المواعيد الواضحة في تسهيل إجراءات الحجز، وتوزيع الرحلات، وضبط الجدول الزمني للمناسك دون تزاحم أو ارتباك، خصوصًا مع تزايد أعداد الحجاج عامًا بعد عام.
مع الإعلان عن التواريخ الرسمية للحج، تبدأ الأسر في الاستعداد للرحلة المباركة، سواء من حيث تجهيز الأوراق، أو التدريب على أداء المناسك، أو حتى التهيئة النفسية للابتعاد عن الأهل والانغماس في أجواء روحانية خالصة.
ويُعد موسم الحج فرصة سنوية لمراجعة النفس، وتنقية القلوب، وبث مفاهيم التضحية والتجرد، ليس فقط بين الحجاج، بل داخل المجتمع بأكمله، الذي يتأثر بالمناسبة في العادات والدعاء والتهاني.
إن وضوح التواريخ والإعلان المبكر عنها ينعكس إيجابًا على جودة أداء المناسك، ويقلل من العشوائية التي قد تحدث بسبب تضارب الجداول أو سوء الفهم.
فكلما كان التنظيم مُسبقًا، كلما تفرغ الحجاج للعبادة دون الانشغال بالتفاصيل اللوجستية، وهو ما يُسهم في أداء حج مبرور وسعي مشكور بإذن الله.
وما بين يوم التروية وطواف الوداع، يعيش الحاج تجربة لا مثيل لها، يتطهر فيها من ذنوبه، ويتصل بربه من قلب أطهر بقاع الأرض، في لحظات يُرجى فيها القبول والغفران.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt