أهمية هذا السؤال ترجع إلى أن الحياة الزوجية في الإسلام قائمة على المودة والرحمة والتعاون، وليست مجرد حقوق مادية أو جسدية، وأن أي خلل في هذه الأسس قد يؤدي إلى اضطراب العلاقة وظهور المشكلات.
وأشار إلى أن الامتناع هنا يجب أن يكون مبررًا، أي قائمًا على أسباب واضحة وواقعية، وليس بدافع العناد أو الإضرار بالزوج، مؤكدًا أن الإسلام لا يرضى بالظلم أو الإهانة داخل الأسرة.
استند أمين الفتوى إلى عدة أدلة شرعية، منها:
قول الله تعالى: "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ" [النساء: 19]، وهو أمر صريح للزوج بحسن معاملة زوجته.
قاعدة "لا ضرر ولا ضرار"، وهي قاعدة فقهية عامة تمنع إيقاع الأذى بين الناس، وتشمل العلاقة الزوجية.
أحاديث نبوية تحث على حسن معاملة الزوجة، مثل قوله ﷺ: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي".
هذه النصوص تؤكد أن الزوجة ليست ملزمة بطاعة الزوج في ما فيه ظلم أو إهانة أو ضرر لها، وأن الامتناع في هذه الحالة لا يترتب عليه إثم.
بيّن أمين الفتوى أن هناك فرقًا كبيرًا بين حالتين:
الامتناع المبرر: إذا كان هناك أذى نفسي أو جسدي، أو إساءة معاملة، أو إهمال في الحقوق الأساسية، فهذا الامتناع لا إثم فيه.
الامتناع غير المبرر: إذا كان بدافع العناد أو الغضب لأسباب بسيطة أو بهدف الإضرار بالزوج، فإن هذا يعد مخالفة للشرع، وقد يترتب عليه إثم.
لكي تسير الحياة الزوجية بشكل سليم، يجب على الزوج أن يلتزم بحقوق زوجته، ومنها:
النفقة: توفير المأكل والملبس والمأوى بما يتناسب مع حاله.
المعاملة الحسنة: عدم الإهانة أو الضرب أو السب.
الاهتمام النفسي والعاطفي: إظهار المودة والرحمة.
العدل والمساواة: خاصة إذا كان متزوجًا بأكثر من زوجة.
كما أن للزوجة حقوقًا، فإن للزوج حقوقًا يجب أن تلتزم بها الزوجة، منها:
الطاعة في المعروف: تنفيذ ما يأمر به الزوج في إطار ما يرضي الله.
الوفاء بالعشرة الزوجية: المعاملة بالاحترام والمودة.
الحفاظ على البيت والأبناء: رعاية الأسرة وحماية سمعتها.
أشار أمين الفتوى إلى أن الحوار الهادئ والصريح بين الزوجين هو السبيل الأمثل لتجاوز المشكلات، وأن الامتناع أو التصعيد يجب أن يكون آخر الحلول، بعد استنفاد كل وسائل الإصلاح.
كما نصح بضرورة تدخل الأهل أو المختصين في الإرشاد الأسري عند تفاقم الخلافات، بدلًا من ترك الأمور تتطور إلى الطلاق أو القطيعة التامة.
رغم إباحة الامتناع المبرر، شدد أمين الفتوى على أن الإسلام يحث على الإصلاح أولًا، من خلال:
النصيحة المباشرة بين الزوجين.
تذكير الزوج بواجباته أمام الله.
الاستعانة بالحكماء من الأهل لإصلاح ذات البين.
اللجوء إلى أهل الاختصاص في المشورة الأسرية.
خلاصة ما أكده أمين الفتوى أن الزوجة إذا امتنعت عن زوجها بسبب سوء معاملته أو تقصيره في حقوقها الأساسية فهي لا تأثم، شريطة أن يكون الامتناع لسبب حقيقي ومبرر، وأن يكون الهدف منه دفع الضرر أو الإصلاح، وليس الإضرار بالزوج.
كما شدد على أن الحياة الزوجية الناجحة تقوم على التفاهم، والاحترام المتبادل، وأداء الحقوق، وأن أي إخلال بهذه الأسس يهدد استقرار الأسرة ويؤثر سلبًا على المجتمع.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt