ميكسات فور يو
هل يجوز المسح على الكم بدلًا من غسل اليدين في الوضوء؟
الكاتب : hanin

هل يجوز المسح على الكم بدلًا من غسل اليدين في الوضوء؟

هل يجوز المسح على الكم بدلًا من غسل اليدين في الوضوء؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب

منذ ظهور جائحة كورونا وتزايد اعتماد الناس على الملابس الواقية مثل الأكمام الطويلة والقفازات، بدأ البعض يتساءل عن مدى جواز المسح على الكم أو القفاز أثناء الوضوء بدلًا من غسل اليدين كما هو مألوف في الشريعة الإسلامية. وقد أثار هذا التساؤل جدلاً واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة مع برودة الطقس أحيانًا أو صعوبة خلع الملابس في أماكن العمل أو المواصلات.

ورغم أن الوضوء شعيرة يومية يؤديها المسلم خمس مرات، فإن ظروف الحياة الحديثة فرضت واقعًا جديدًا استدعى طرح تساؤلات فقهية غير تقليدية. فهل يجوز للمسلم أن يكتفي بالمسح على الكم بدلًا من غسل الذراعين أثناء الوضوء؟ وهل هناك رأي شرعي واضح في هذه المسألة؟

للإجابة عن هذه التساؤلات، نستعرض في هذا المقال رأي العلماء، وخاصة ما صرحت به الدكتورة إلهام شاهين، عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، كما نستعرض الأدلّة الفقهية المتعلقة بالأمر، وشروط المسح على الخفين، ومدى انطباقها على الكم أو القفازات.



الحكم الشرعي لغسل اليدين في الوضوء

أجمع العلماء من المذاهب الأربعة على أن غسل اليدين إلى المرفقين ركن من أركان الوضوء لا يصح بدونه، استنادًا إلى قول الله تعالى في سورة المائدة:

"يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق" [المائدة:6]

ويعني ذلك أن الماء يجب أن يصل إلى جميع اليدين من أطراف الأصابع حتى المرفقين، ولا يُكتفى بالمسح أو الرش. والغسل هنا يقتضي جريان الماء على الجلد، وهو ما لا يتحقق بالمسح على الملابس.


الفرق بين المسح والغسل

من المهم التفريق بين المسح والغسل في الطهارة الشرعية:

  • الغسل: هو جريان الماء على العضو المراد تطهيره مع إزالة ما عليه من أذى أو نجاسة.

  • المسح: هو مرور اليد المبللة على العضو فقط، مثل المسح على الرأس في الوضوء أو المسح على الجورب/الخف بشروط.

وقد أجاز الإسلام المسح على الخفين أو الجوربين بشروط معينة للتيسير، لكنه لم يجز المسح على باقي أعضاء الوضوء التي يجب غسلها، كالأيدي أو الوجه، إلا في حالات الضرورة.


هل ينطبق حكم المسح على الكم أو القفاز؟

وفقًا للدكتورة إلهام شاهين، عضو مركز الأزهر للفتوى، فإن المسح على الكم أو القفاز بدلًا من غسل اليدين في الوضوء لا يجوز شرعًا، لأن اليدين من الأعضاء التي يجب غسلها غسلًا مباشرًا. وأوضحت في تصريحات إعلامية أن:

"الكم أو القفاز لا يأخذان حكم الخف، لأن اليد ليست موضعًا للمسح، بل يجب فيها الغسل، كما نص عليه القرآن الكريم."

وأضافت أن رخصة المسح شُرعت فقط في موضع الخفين والجوارب، ومع شروط محددة، أبرزها:

  • أن تكون الخفاف طاهرة.

  • أن تلبس على طهارة كاملة.

  • أن يكون المسح في مدة محددة (يوم وليلة للمقيم، وثلاثة أيام للمسافر).

وبالتالي، لا يجوز القياس على الكم أو القفاز؛ لأن محل الحكم مختلف.


متى يجوز عدم غسل اليدين؟

رغم وجوب غسل اليدين، فقد أجاز بعض العلماء المسح على الجبيرة أو الضمادات في حالات المرض أو الكسر أو الحروق، بشرط أن تكون هناك ضرورة، ولا يمكن إزالة الغطاء دون ضرر.

لكن هذا الحكم لا يُطبّق على الأكمام أو القفازات العادية، التي يمكن خلعها دون ضرر.

وبالتالي، فإن ارتداء الكم أو القفاز لا يُعد عذرًا شرعيًا لترك الغسل، ويمكن للإنسان أن يخلعهما بسهولة قبل الوضوء، ولا حرج في ذلك.


ماذا يفعل من يعاني من البرد أو لا يستطيع خلع ملابسه؟

في بعض الحالات، مثل برودة الجو الشديدة أو العمل في بيئات يصعب فيها خلع الكم، يمكن النظر إلى:

  1. الوضوء مرة واحدة وجمع الصلوات عند الحاجة: كالجمع بين الظهر والعصر أو المغرب والعشاء، إن توفرت شروط الجمع، وبالتالي تقليل عدد مرات الوضوء.

  2. الاحتياط بارتداء ملابس سهلة الخلع قبل الخروج من المنزل.

  3. الوضوء قبل الخروج من المنزل في الظروف الباردة أو قبل ارتداء الملابس الثقيلة.

  4. التيمم كبديل مؤقت، ولكن بشروط دقيقة، كأن يكون خلع الملابس يشكل ضررًا حقيقيًا على الصحة.

وفي كل الأحوال، يبقى الأصل هو غسل اليدين وعدم استبدال ذلك بالمسح على الملابس.


موقف جمهور العلماء

جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة والحنفية يُجمعون على أن اليدين لا يجوز فيهما المسح، وإنما يجب غسلهما بالغسل الشرعي.

وقد قال الإمام النووي في “المجموع”:

"وأما اليدان والمرفقان فالغسل فيهما فرض، لا يجزئ فيهما المسح باتفاق العلماء"

وكذلك أكد ابن قدامة في "المغني" أن المسح لا يُجزئ في اليد مطلقًا، إلا في حالات الضرورة كوجود جبيرة.


هل يجوز القياس على المسح على الخفين؟

بعض الناس يتساءلون: لماذا نُجيز المسح على الجورب أو الحذاء ولا نجيزه على الكم؟

والإجابة تكمن في أن المسح على الخفين ورد فيه النص الصريح عن النبي ﷺ، وهو من الرخص الثابتة بالسنة النبوية، بينما اليد لا يوجد فيها نص شرعي يُجيز المسح عليها، وبالتالي لا يجوز القياس في هذه الحالة، لأن القياس يُشترط فيه اتحاد العلة والمحل، وهو غير متحقق هنا.


الفتوى الإلكترونية ومواكبة العصر

من أبرز إنجازات مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية أنه يعمل على تقديم الفتوى المعاصرة التي تراعي تغيرات الحياة الحديثة، لكنه دائمًا ما يُؤكد على الالتزام بالنصوص الشرعية وعدم الخروج عن حدودها، إلا في حالات الضرورة القصوى.

وفي هذا السياق، أكدت د. إلهام شاهين أن المركز يتلقى عشرات الأسئلة حول الوضوء والعمل، وضرورة التيسير، لكنه يضع دائمًا الضوابط الفقهية والشرعية، ويُفرّق بين التيسير المشروع والتحايل غير المقبول.

المسح على الكم أو القفاز بدلًا من غسل اليدين في الوضوء لا يجزئ شرعًا، لأن اليدين موضع للغسل وليس للمسح، كما نص القرآن الكريم والسنة النبوية. ويُعد التهاون في هذا الأمر خللًا في الطهارة التي هي شرط لصحة الصلاة.

وعلى المسلم أن يحرص على الوضوء الصحيح الكامل، وألا يتهاون في أركانه أو شروطه، مع إمكانية اتباع رخص أخرى مشروعة إذا تعذر الغسل، مثل الجمع بين الصلوات أو التيمم في حالات الضرورة.

ويظل الهدف من هذه الفتاوى هو التيسير على الناس دون الإخلال بالعبادة، فالدين الإسلامي بني على الرحمة، لكنه أيضًا يقوم على الانضباط. ولذا، يبقى غسل اليدين إلى المرفقين فرضًا لا يسقط إلا بعذر معتبر، ولا يجوز استبداله بمسح على الملابس أو القفازات.

التعليقات

لا يوجد تعليقات

اترك تعليق

يجب تسجيل الدخول أولا. تسجيل الدخول

قد يهمك أيضا

تعــرف على ميكسات فور يو
اتصل بنا
سياسة الخصوصية
من نحن
خريطة الموقع
تابعنا علي منصات السوشيال ميديا

جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt

Loading...