في حديث إعلامي تم تداوله على نطاق واسع، قال الدكتور سعد الدين الهلالي إن الميراث ليس من الأمور الثابتة التي لا تحتمل الاجتهاد، موضحًا أن الآية الكريمة: "يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ" ليست آية قطعية في دلالتها، وإنما هي من الآيات التي قُدمت كوصية من الله عز وجل.
وأكد الهلالي أن الوصية تختلف عن الفرض الملزم، وأن هناك بابًا للاجتهاد والتفسير في هذا الجانب، مستشهدًا بتجارب بعض الدول الإسلامية التي أقرت المساواة في الميراث منذ عقود، مثل تونس وتركيا.
شدد الهلالي في تصريحاته على أن الميراث شأن اجتماعي يمكن تنظيمه وفقًا لظروف العصر، وأن الشريعة الإسلامية عندما شرعت الميراث كانت تستهدف العدالة لا التفرقة، وأن الآيات القرآنية تركت مساحة للاجتهاد الفقهي.
وقال الهلالي: "بعض الناس يظنون أن أي اجتهاد في هذه المسائل هو إنكار للدين، وهذا غير صحيح، بل هو ممارسة للاجتهاد في ضوء المقاصد الكبرى للشريعة، والتي تهدف إلى تحقيق المصلحة العامة".
وأضاف أن الدعوة إلى المساواة بين الذكر والأنثى في الميراث فيها اعتداء صريح على نصوص الشريعة، وأن محاولة تفسير الآية الكريمة على أنها وصية وليست فرضًا يُعد تحريفًا واضحًا.
كما أصدرت مؤسسات دينية بيانات رسمية أكدت فيها أن نصوص الميراث قطعية الثبوت والدلالة، وأنها لا تحتمل الاجتهاد أو التعديل، محذرة من أن هذه الآراء قد تُسبب بلبلة في المجتمع، وتفتح باب الفوضى في أحكام الأسرة.
في محاولة لتهدئة الجدل، خرج الدكتور سعد الدين الهلالي مجددًا بتصريح توضيحي، قال فيه إن ما تحدث عنه لا يعني المساس بثوابت الدين، وإنما هو طرح اجتهادي فقهي يناقش الفرق بين "العطية في حياة الإنسان" و"الميراث بعد وفاته".
وأوضح الهلالي أن الإنسان له الحق الكامل في أن يوزع أمواله كيف يشاء خلال حياته، سواء أراد منحها لبناته أو أبنائه أو أقاربه أو غيرهم، طالما أن ذلك يتم برضاه وهو في كامل قواه العقلية، ولا يوجد ما يمنع شرعًا من أن يُفضل بنتًا على ولد إذا كان يرى في ذلك عدالة أو مصلحة.
وأضاف أن الميراث يُطبق فقط على الأموال المتبقية بعد الوفاة، أما ما يوزعه الإنسان في حياته فهو من باب العطية، ولا تنطبق عليه نفس الأحكام الشرعية الخاصة بالإرث.
دعا الهلالي إلى فتح حوار مجتمعي وفقهي حول قضايا مثل الميراث والعطية، مؤكدًا أن هذه المسائل لم تكن يومًا مغلقة، وأن الفقه الإسلامي يقوم على تعدد الآراء وتنوع الاجتهادات.
وقال: "ما أطرحه ليس دعوة للفوضى، بل هو دعوة لتجديد الخطاب الديني بما يتناسب مع الواقع المعاصر، مع احترام كامل للنصوص والضوابط الشرعية".
كما أشار إلى أن الفقه الإسلامي عبر العصور عرف مدارس فكرية متعددة، وأن كثيرًا من المسائل التي كانت تُعد غير قابلة للنقاش في وقت ما، أصبحت اليوم محل بحث ودراسة، لأن الواقع يتغير، والناس تتغير، والاحتياجات تختلف.
وفي موقف حاسم، أكدت جهات بالأزهر الشريف أن ما قاله الدكتور الهلالي لا يُمثل المؤسسة الدينية الرسمية، وأنها متمسكة بجميع النصوص القطعية في القرآن والسنة، ومنها آيات الميراث.
كما شددت على أن الاجتهاد في الأمور القطعية مرفوض، وأن احترام النصوص واجب شرعي لا يُقبل النقاش حوله، خاصة في قضايا الأسرة التي تمس حياة المجتمع واستقراره.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt