في ظل انتشار ثقافة الشراء بالتقسيط في كثير من المعاملات التجارية الحديثة، بدأ يتردد السؤال المشروع: هل الزيادة في سعر البيع عند التقسيط تُعد من الربا؟ هذا التساؤل يطرحه العديد من المواطنين الذين يرغبون في التعامل المالي الحلال، خاصة مع توجه الشركات والمتاجر إلى تسهيلات الدفع بالتقسيط.
وقد جاءت الإجابة الحاسمة من دار الإفتاء المصرية على لسان الشيخ أحمد ممدوح – أمين الفتوى – والذي أوضح أن هذا النوع من الزيادة ليس ربا، بل هو ربح مشروع يقره الإسلام في شروط وضوابط محددة.
لكي نميز بين الربا المحرم والربح المشروع، لا بد أولًا من معرفة أن الإسلام لا يُحرم الربح، بل يُشجع على التجارة الحلال والكسب المشروع، ولكن يُحذر من الربا باعتباره ظلمًا.
الربا: هو زيادة مشروطة في الدين مقابل الزمن، من غير مقابل حقيقي في السلعة أو الخدمة.
الربح في البيع: هو الزيادة على رأس المال في مقابل سلعة أو خدمة حقيقية، سواء تم السداد نقدًا أو بالتقسيط.
والفرق الجوهري أن الربا يتعلق بالنقود مقابل النقود، أما البيع بالتقسيط فهو بيع سلعة مقابل مال مع تأجيل الدفع.
أكد الشيخ أحمد ممدوح أن البيع بالتقسيط جائز شرعًا، سواء كان بثمن أعلى من سعر الكاش أو مساوٍ له، بشرطين رئيسيين:
اتفاق الطرفين على السعر النهائي قبل التعاقد.
عدم اشتراط غرامة تأخير أو فوائد إضافية في حالة تأخر السداد.
وأضاف:
"لو حضرتك اشتريت تلاجة بـ10 آلاف كاش، أو 12 ألف بالتقسيط لمدة سنة، هذا جائز ما دام تم تحديد السعر مسبقًا، ولا يوجد شرط ربوي."
ليس كل تقسيط جائزًا شرعًا، بل هناك حالات يُصبح فيها التقسيط محرمًا إذا شابه ربا، مثل:
وجود فائدة إضافية عند التأخير في سداد القسط.
فرض غرامات تأخير مالية على الأقساط غير المدفوعة.
الجهل الكامل بسعر البيع النهائي عند توقيع العقد.
لذلك يجب التحقق من أن العقد يُحدد السعر بوضوح منذ البداية، دون أن يترك فرصة لتغيير المبلغ أو زيادته لاحقًا.
دار الإفتاء المصرية أصدرت أكثر من فتوى في السنوات الأخيرة تؤكد على أن:
البيع بالتقسيط جائز شرعًا بالإجماع.
الزيادة في السعر بسبب التقسيط لا تُعد من الربا.
الأصل في المعاملات المالية الإباحة ما لم يتضمنها شرط ربوي.
كما أوضحت أن الإسلام يتعامل مع الواقع الاقتصادي، ويُتيح التيسير في المعاملات بما لا يُخالف روح الشريعة.
سؤال آخر يُطرح بكثرة: هل تقسيط البنوك يُعد ربا؟
والإجابة من أمين الفتوى جاءت كالتالي:
إذا كانت البنك يشتري السلعة باسم العميل ويبيعها له بالتقسيط بسعر معلوم، فهذا جائز.
أما إذا كان البنك يُقرض المال بفائدة ثم يشتري العميل السلعة بنفسه، فهذا قرض ربوي.
الفيصل هنا أن يكون العقد بيعًا حقيقيًا للسلعة، وليس مجرد تمويل نقدي بفائدة.
الإسلام لم يُحرم البيع بالتقسيط، بل يُعتبره أحد وسائل التيسير على الناس، ومن مزاياه:
تسهيل امتلاك السلع للأشخاص ذوي الدخل المحدود.
دعم التجارة وحركة البيع والشراء.
إعانة الناس على تحسين معيشتهم دون اللجوء لاقتراض ربوي.
ولكن كما هو الحال دائمًا، يجب أن تتم المعاملة بشفافية ووضوح وشروط عادلة.
إذا كنت تفكر في شراء سلعة بالتقسيط، فإليك أهم النصائح الشرعية التي يجب مراعاتها:
اطلع على العقد كاملًا قبل التوقيع.
حدد السعر الإجمالي المتفق عليه دون أي مبالغ إضافية خفية.
تجنب التوقيع على شروط جزائية أو غرامات تأخير.
تأكد أن البائع يمتلك السلعة فعليًا قبل بيعها لك.
في حالة الشك، استشر دار الإفتاء أو عالم موثوق.
الإجابة: لا، ما دام يتم وفق الضوابط الشرعية.
المعاملات الربوية هي التي تقوم على أساس المال مقابل الزمن، أما البيع بالتقسيط فهو المال مقابل السلعة مع الزمن كوسيلة للسداد. والفرق بينهما كبير من حيث الجوهر والحكم.
وقد اتفقت المجامع الفقهية الإسلامية على أن:
البيع بالتقسيط بسعر أعلى جائز ولا يُعد من الربا.
لا بد من وضوح كامل في شروط العقد.
لا يجوز إضافة فوائد عند التأخير إلا إذا كانت تعويضًا حقيقيًا عن ضرر مثبت.
جاءت فتوى أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية واضحة في هذا الشأن، حيث أكد أن:
الزيادة في السعر بالتقسيط لا تُعد من الربا.
الإسلام لا يُحرم البيع بالتقسيط بل يُشجعه بضوابط عادلة.
التقسيط وسيلة اقتصادية مشروعة للتيسير على الناس وتحقيق مصالحهم.
لذا فإن كل من يُفكر في الشراء بالتقسيط يمكنه أن يُقدم على ذلك ما دام العقد واضحًا وخاليًا من الربا أو الغرر، وبذلك تتحقق النفعية المشروعة، ويُحافظ الإنسان على دينه وماله وأمانه النفسي.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt