تُعد فترة الخطوبة مرحلة تمهيدية في العلاقة بين الرجل والمرأة، تسبق عقد الزواج وتعطي للطرفين فرصة للتعارف وتقييم مدى التوافق بينهما. إلا أن هذه المرحلة لا تخلُ من التحديات والمشكلات، وقد ينتهي الأمر بفسخ الخطوبة قبل الوصول إلى مرحلة الزواج. وهنا يبدأ الجدل: من يحق له الاحتفاظ بالشبكة؟ هل هي من حق الخاطب، أم المخطوبة، أم يتوقف الأمر على من بادر بالفسخ؟
في ظل غياب قانون واضح ينظم التفاصيل الدقيقة لهذه المسائل، يلجأ الكثيرون إلى دار الإفتاء المصرية والمؤسسات الدينية للاستنارة برأي الدين والشرع. في هذا المقال نعرض آراء العلماء، وتفسير أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، ونستعرض مواقف القانون، والعرف، والمجتمع، لبيان الموقف الشرعي والقانوني من ملكية الشبكة في حال فسخ الخطوبة.
وبناءً عليه، إذا فُسخت الخطوبة قبل عقد الزواج، فإن الشبكة تخضع للأحكام الشرعية المتعلقة بالهدايا.
أكد الشيخ الدكتور محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن الشبكة في حال فسخ الخطوبة ترجع إلى من قدّمها، ما لم يكن هناك اتفاق أو شرط مخالف. وقال إن الشبكة تأخذ حكم الهبة، وإذا تم فسخ الخطوبة لأي سبب، فإن للخاطب أن يسترد الشبكة ما دام لم يتم عقد الزواج.
وأضاف شلبي:
"الخطوبة ما هي إلا وعد بالزواج، وليست عقدًا ملزمًا شرعًا، وبالتالي لا يترتب عليها آثار عقد الزواج، ومن ضمنها ملكية الشبكة".
وأشار إلى أن هذا الرأي مستند إلى القاعدة الشرعية: "الهبة تُردّ إذا لم يقع زواج"، ما لم تكن هناك موانع أو تنازلات صريحة.
رغم وضوح الرأي الفقهي في معظم الحالات، إلا أن هناك بعض الاستثناءات التي قد تؤثر على الحكم:
في هذه الحالة، يكون الخاطب أحق بالشبكة، لأنه لم يُخطئ، بل هو المتضرر من فسخ الوعد.
ترى بعض الآراء الفقهية أن للمخطوبة الحق في الاحتفاظ بالشبكة، لأنها تضررت معنويًا وماديًا من الفسخ المفاجئ.
ففي هذه الحالة، تعود الشبكة إلى الخاطب باعتبارها هدية مشروطة بالزواج، ولم يتم الوفاء بالشرط.
قد يُنظر إلى الأمر كتعويض عن الأذى، ويترك الأمر للتفاهم أو التحكيم العائلي.
رغم أن القانون المصري لا يضع نصًا صريحًا بشأن ملكية الشبكة في حال فسخ الخطوبة، إلا أن المحاكم تستند غالبًا إلى رأي دار الإفتاء والقاعدة الشرعية المذكورة. وبالتالي، تميل معظم أحكام القضاء إلى اعتبار الشبكة من حق الخاطب إذا لم يتم عقد القران، وكان هو المتضرر أو لم يفسخ الخطوبة.
وفي حال وجود نزاع قضائي، تطلب المحكمة إثبات تقديم الشبكة (مثل إيصالات الشراء أو الشهود)، كما تنظر في سبب فسخ الخطوبة، وتُصدر حكمها بناءً على مجمل الملابسات.
في كثير من القرى والمدن المصرية، تختلف المواقف الاجتماعية حول هذا الأمر. ففي بعض المحافظات، يُعتبر من العيب أن يطلب الخاطب الشبكة بعد فسخ الخطوبة، حتى وإن كان هو المتضرر، بينما في مناطق أخرى تُعد المطالبة بالشبكة حقًا مشروعًا لا يقلل من مكانة الطرف المطالب.
وقد ينشأ خلاف أكبر إذا تم فسخ الخطوبة بعد شراء أثاث أو تجهيزات مشتركة، ما يتطلب تفاهمًا واضحًا أو تدخل كبار العائلة لحل النزاع.
ينصح بعض المتخصصين في العلاقات الأسرية بكتابة عقد اتفاق مسبق عند الخطوبة، ينص على:
قيمة الشبكة والمصوغات المقدمة.
الطرف الذي يحتفظ بها في حال فسخ الخطوبة.
مصير الهدايا المشتركة والتجهيزات.
ورغم أن البعض يرى هذا الإجراء "ثقيلًا"، إلا أنه يُجنّب الكثير من المشكلات المستقبلية.
ينبغي الاتفاق بوضوح على أن الشبكة هدية مشروطة بالزواج، وأنه في حال فسخ الخطوبة تُعاد للخاطب، أو بحسب ما يتم الاتفاق عليه.
من الأفضل ألا تكون الشبكة ذات قيمة مادية ضخمة حتى لا تُشكل أزمة حال الانفصال.
توثيق المصوغات وتفاصيلها وإيصالات الشراء يُساعد في استرجاعها قانونيًا إذا لزم الأمر.
عند فسخ الخطوبة، يجب احترام الطرف الآخر وتجنّب الفضائح أو التشهير، خاصة في ما يتعلق بالمطالبة بالشبكة.
في النهاية، يؤكد رأي دار الإفتاء المصرية أن الشبكة تُعد من حق الخاطب في حال فسخ الخطوبة ما لم يُعقد القران، كونها هدية مشروطة بالزواج، ولا تعتبر جزءًا من المهر إلا إذا تم الاتفاق خلاف ذلك. وتبقى المسألة في كثير من الأحيان خاضعة للعُرف، والحوار، والتفاهم بين العائلتين.
وعلى كل طرف أن يتعامل بحكمة وهدوء في مثل هذه المواقف، لأن الخطوبة – رغم أنها وعد بالزواج – قد لا تُكلل بالنجاح. ولكن ما يجب أن يُكلل دومًا هو الاحترام والكرامة في التعامل، حتى عند الانفصال.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt