ميكسات فور يو
أمين الفتوى: الديون تُقدَّم على الوصايا عند توزيع التركة
الكاتب : Mohamed Abo Lila

أمين الفتوى: الديون تُقدَّم على الوصايا عند توزيع التركة

أمين الفتوى: الديون تُقدَّم على الوصايا عند توزيع التركة لأنها ليست من مال الميت

في فتوى جديدة تُسلّط الضوء على أحد الجوانب الشرعية الهامة في قضايا الميراث، أوضح أحد أمناء الفتوى بدار الإفتاء المصرية أن الديون تُقدَّم على الوصايا عند توزيع التركة، مؤكدًا أن الدَّين لا يُعد من مال الميت، بل هو حق للغير، وبالتالي يجب سداده أولًا قبل الالتفات لأي وصية يتركها المتوفى. هذه القاعدة تُعتبر من الثوابت الفقهية التي لا خلاف عليها بين العلماء، ولكن يبقى السؤال: كيف نُرتب التركة بشكل شرعي؟ ولماذا يُعطى الدَّين هذه الأولوية؟



ما المقصود بالتركة؟

التركة هي كل ما يتركه الإنسان بعد وفاته من أموال، ممتلكات، ديون له، وحقوق، وتشمل:

  • الأموال السائلة

  • العقارات والأراضي

  • المنقولات (مثل السيارات والأثاث)

  • الحقوق المالية التي للميت عند الغير

ولكن هذه التركة لا تُوزَّع مباشرة على الورثة بمجرد الوفاة، بل يجب أولًا سداد الحقوق المتعلقة بها.


ما ترتيب توزيع التركة شرعًا؟

أكدت دار الإفتاء المصرية مرارًا أن هناك أربع مراحل شرعية وقانونية لتوزيع التركة، وهي على النحو التالي:

1. سداد تجهيزات الميت

وتشمل:

  • تغسيله

  • تكفينه

  • دفنه

2. سداد الديون

سواء كانت ديونًا لله (مثل الزكاة، الكفارات، النذور)، أو ديونًا للعباد (مثل القروض، الأقساط، الأموال التي استدانها).

3. تنفيذ الوصايا

بشرط:

  • ألا تتجاوز ثلث التركة

  • ألا تكون لوارث إلا إذا وافق الورثة الآخرون

4. توزيع الباقي على الورثة

يتم ذلك وفقًا لأحكام الميراث في الشريعة الإسلامية، كما نظمها القانون المصري المستمد من الفقه الإسلامي.


لماذا تُقدَّم الديون على الوصايا؟

السبب الأساسي هو أن الديون حق واجب الأداء، وهي في ذمة المتوفى، ويجب سدادها قبل أي تصرف في أمواله. ومن أبرز الأسباب:

  • الدين لا يُعد مالًا للميت، بل مالًا لغيره في ذمته.

  • الوصية تصرّف تطوعي، أما الدين فهو إلزام شرعي.

  • سداد الدين يُطهّر ذمة الميت أمام الله والناس.

وقد قال رسول الله ﷺ:
"نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يُقضى عنه" – رواه الترمذي.


أمثلة توضيحية على تقديم الديون على الوصية

لنفترض أن شخصًا تُوفي وترك:

  • 100,000 جنيه

  • دَين مستحق عليه بمبلغ 30,000 جنيه

  • ووصية لأحد أصدقائه بـ 20,000 جنيه

يتم التوزيع كالتالي:

  1. يُخصم أولًا 30,000 جنيه لسداد الدين

  2. تُنفذ الوصية بمبلغ 20,000 جنيه (لأنها لا تتعدى ثلث الباقي وهو 70,000)

  3. يُوزع المبلغ المتبقي (50,000 جنيه) على الورثة الشرعيين

أما لو كانت الوصية تتجاوز الثلث، فيجب أخذ موافقة الورثة على تنفيذها.


هل يُمكن تنفيذ الوصية قبل سداد الدَّين؟

لا يجوز شرعًا ولا قانونًا تنفيذ أي وصية أو توزيع أي جزء من التركة على الورثة قبل سداد الدين. الديون مقدّمة بلا خلاف، وأي تصرف قبلها يُعد باطلًا شرعًا، وقد يُعرّض منفذ التركة للمساءلة القانونية.


أنواع الديون التي تُقدَّم

تنقسم الديون إلى نوعين رئيسيين:

1. ديون لله تعالى

مثل:

  • الزكاة المتأخرة

  • الكفارات

  • الحج الواجب ولم يتم

2. ديون للناس

وتشمل:

  • قروض

  • أقساط متأخرة

  • ضمانات مالية

وفي كلا النوعين، تُقدَّم هذه الديون على الوصية وتُسدَّد من أموال التركة فورًا.


ماذا لو لم تكفِ التركة لسداد الديون؟

في حال كانت التركة غير كافية لسداد الديون، يُقسَّم المال على الغرماء (الدائنين) كل حسب نصيبه، ويُعد الميت مفلسًا شرعًا، وفي هذه الحالة لا تُنفذ أي وصية ولا يحصل الورثة على شيء.


ما حكم الورثة الذين يوزعون التركة دون سداد الدين؟

يُعد هذا تصرفًا باطلًا ومخالفًا للشرع، ويترتب عليه:

  • بقاء ذمة الميت مشغولة بالدين

  • تعريض الورثة للحساب الشرعي في الآخرة

  • إمكان مطالبة الدائنين قانونيًا بحقوقهم

كما أوضح علماء الأزهر أن كل وريث يأخذ نصيبه قبل سداد الدين يُعد متعديًا على حق الغير، وهذا لا يجوز.


نصائح شرعية لأهل الميت

  • التوجه إلى دار الإفتاء أو الجهات المعنية قبل توزيع التركة.

  • توثيق الديون والوصايا كتابيًا إن وُجدت.

  • عدم استعجال توزيع التركة قبل إنهاء التزامات الميت.

  • تنفيذ وصية الميت فقط في حدود الشرع (ثلث التركة كحد أقصى).

  • إبراء ذمة المتوفى قدر المستطاع.


هل يمكن اعتبار الميراث حقًّا للورثة قبل سداد الديون؟

الإجابة: لا، فالميراث لا يُعتبر حقًا مكتملًا للورثة إلا بعد:

  1. دفع تكاليف الدفن

  2. سداد الديون

  3. تنفيذ الوصايا (في حدود الثلث)

  4. عندها فقط يتم توزيع الميراث

لذا، لا يجوز للورثة التصرف في العقارات أو الأموال إلا بعد استيفاء هذه الشروط.


فتاوى دار الإفتاء في هذا الشأن

أوضح أمناء الفتوى بدار الإفتاء المصرية أكثر من مرة أن هذه القاعدة الشرعية تنطبق على كل الحالات دون استثناء، ووجّهوا رسائل صريحة إلى الورثة بعدم التسرّع في توزيع الميراث. فالتصرف السليم يُرضي الله، ويُريح الميت، ويمنع المنازعات بين الورثة والدائنين.

تُعد قاعدة تقديم الدين على الوصية من أهم القواعد الفقهية التي يجب أن يُدركها كل مسلم عند التعامل مع التركة، سواء كوصي أو كوارث. فالشرع يُعلي من قيمة حقوق الغير، ويُحمّل الورثة مسؤولية حفظ هذه الحقوق وتنفيذها بأمانة. وتطبيق هذه القاعدة ليس فقط التزامًا دينيًا، بل هو ضمان لراحة الميت وحماية لأموال الناس، وتقوية للروابط بين أفراد المجتمع.

قبل أن تُفكر في ميراثك، فكّر في ديون من تحب وساعد في تطهير ذمته.

التعليقات

لا يوجد تعليقات

اترك تعليق

يجب تسجيل الدخول أولا. تسجيل الدخول

قد يهمك أيضا

تعــرف على ميكسات فور يو
اتصل بنا
سياسة الخصوصية
من نحن
خريطة الموقع
تابعنا علي منصات السوشيال ميديا

جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt

Loading...