أصدرت الحكومة بيانًا رسميًّا أكدت فيه أنّ البلاد لن تشهد أيّة انقطاعات مجدولة للتيار الكهربائي خلال فصل الصيف الحالي، وذلك بفضل جاهزية الشبكة القومية واحتياطي القدرة الإنتاجية. ومع هذا الإعلان المطمئِن، ناشدت الأجهزة المعنية المواطنين ترشيد الاستهلاك خلال ساعات الذروة حفاظًا على استقرار المنظومة وتقليل الضغط على محطات التوليد، خصوصًا في ظل الارتفاع المتوقع لدرجات الحرارة وما يصاحبه من استخدام مكثف لأجهزة التكييف.
على مدار السنوات الخمس الماضية، ضاعفت وزارة الكهرباء من قدرات المحطات بنحو 28 ألف ميجاوات جديدة، من بينها محطات عملاقة تعمل بالغاز الطبيعي وأخرى ذات دور مزدوج مع طاقة الرياح والشمس. هذا التطوير منح مصر احتياطيًّا تشغيليًّا يقترب من 21٪ من إجمالي الأحمال المتوقعة في يوم الذروة.
لم يكن الأمر مقتصرًا على الإنتاج فحسب؛ فقد تم تدعيم خطوط الجهد الفائق وإنشاء مراكز تحكم ذكية في القاهرة والإسكندرية والصعيد، مما يتيح إعادة توزيع الأحمال آنيًّا وتجنّب الأعطال الممتدة.
تُعرَّف ساعات الذروة صيفًا بأنها الفترة الممتدة من الثالثة عصرًا حتى التاسعة مساءً، إذ يتزامن تشغيل وحدات التبريد المنزلية والتجارية مع استمرار تشغيل المصانع وبعض الخدمات. وخلال هذه الساعات قد تقترب الأحمال من الأقصى التصميمي لبعض الخطوط والمحولات، ما يُعرّض الشبكة لخطر الانخفاض المفاجئ للفولتية أو التردد إذا لم يُدار الحمل بعناية.
أطلقت وزارة الكهرباء حملة توعية عبر القنوات التلفزيونية والإذاعية تحت شعار «رشِّد.. طاقتك بتفرق»، تركّز على إرشادات يومية بسيطة—كإغلاق الإضاءة غير الضرورية ورفع مؤشر التكييف إلى 25 درجة—وتُبرز كيف ينعكس ذلك على فاتورة الكهرباء لدى الفرد وعلى استقرار الشبكة للوطن كله.
أُقرّ نظام حوافز «الكيلووات المكافئ»، الذي يمنح المشتركين خصمًا تصاعديًّا على الاستهلاك إذا ظلّ المعدّل الشهري أقل من متوسط الاستهلاك خلال نفس الفترة من العام الماضي. الهدف هو تشجيع الأسر على خفض الأحمال 10٪ على الأقل من خلال منافع اقتصادية مباشرة.
نما عدد العدادات الذكية المركّبة إلى أكثر من مليوني عداد، تُتيح للمشترك مراقبة استهلاكه لحظيًّا، ما يخلق وعيًا فوريًّا ويُجنّب المفاجآت في نهاية الشهر.
فُرضت تعليمات بإطفاء الإضاءة الخارجية لمباني الهيئات الحكومية بعد الخامسة مساءً، وضبط أجهزة التكييف المركزية على حد أقصى 24 درجة. ويُتوقّع لهذا الإجراء توفير قرابة 200 ميجاوات يوميًّا في أوقات الذروة.
طُلب من إدارة المراكز التجارية الكبرى تأخير تشغيل واجهات الإضاءة الزخرفية إلى ما بعد العاشرة مساءً، ورفع درجة حرارة التكييف درجتين إضافيتين دون التأثير في راحة الزبائن.
تضمنت الخطة اتفاقًا مع المصانع كثيفة الاستهلاك—مثل الحديد والصلب والأسمنت—على تأجيل بعض خطوط الإنتاج غير الضرورية إلى خارج ساعات الذروة، مقابل تخفيض في تعريفة الاستهلاك الليلي تشجيعًا لتحويل الأحمال.
ضبط الحرارة على 25 درجة يوفّر قرابة 15٪ من الاستهلاك.
تنظيف فلاتر الجهاز شهريًّا يرفع الكفاءة ويقلّص الفاقد.
الاعتماد على مصابيح ليد عالية الكفاءة وتجنب ترك الإنارة في الغرف غير المشغولة.
استخدام الضوء الطبيعي نهارًا قدر المستطاع.
تشغيل الغسالة وغسالة الأطباق بعد العاشرة مساءً حيث يقل الضغط.
فصل شواحن الهواتف واللابتوب عند اكتمال الشحن، إذ تستهلك الكهرباء حتى وهي في وضع الانتظار.
تقديرات وزارة الكهرباء تُظهر أن تخفيض الاستهلاك بمعدل 5٪ فقط خلال 120 يوم ذروة صيفية يوفر ما يعادل:
استهلاك محطة تقليدية بقدرة 600 ميجاوات طوال موسم الصيف.
نفقات وقود تقارب 400 مليون جنيه.
نحو 350 ألف طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، بما يدعم مستهدفات الدولة البيئية.
رغم الطمأنة الرسمية، جهّزت الشركة القابضة لكهرباء مصر فرقًا متنقلة تتكون من مولدات ديزل وعربات صيانة متمركزة على الطرق السريعة والمناطق السياحية وقرى الساحل الشمالي، تحسُّبًا لأي أعطال طارئة قد تنشأ عن الأحمال أو الأحوال الجوية.
يُظهر إعلان الحكومة بعدم اللجوء إلى فصل الأحمال أنّ الشبكة قادرة على تلبية طلب الصيف بشرط تعاون الجميع. والاستهلاك الرشيد طَوْق نجاة حين ترتفع درجات الحرارة إلى ذروتها. فالطاقة مورد وطنيّ يعكس أمننا الاقتصادي والبيئي، وحمايته تبدأ من مفتاح إنارة يُغلق، ودرجة تكييف تُضبط، وعادة استهلاك تُعدَّل. وبذلك يصبح شعار «لا قطع للكهرباء» واقعًا ملموسًا لا مجرّد وعدٍ على الورق.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt