أوضح الدكتور عمرو الورداني أن الأصل في أداء الحج والعمرة أن يكون بنية التعبد لله، ولكن يجوز للمسلم أن يؤدي هذه المناسك عن شخص آخر عاجز أو متوفى إذا توفرت الشروط الشرعية، ومنها أن يكون من ينوب قد أدى الفريضة عن نفسه أولًا.
وأشار إلى أنه لا مانع شرعي من أن يُقدَّم مقابل مادي لمن يقوم بالحج أو العمرة عن غيره، بشرط أن لا يُنظر إلى هذا المقابل على أنه "أجر على العبادة"، بل يكون على سبيل "الهبة" أو "النفقة" التي تُساعد الشخص في أداء المهمة، شريطة أن يكون الهدف الأساسي هو إعانة الغير على تحقيق ركن من أركان الإسلام.
وأضاف أن دار الإفتاء تنبه إلى خطورة التعامل مع هذه القضية كأنها تجارة أو حرفة، إذ يجب على النائب أن يستشعر عظمة الفريضة التي يقوم بها، وأن تكون نيته الإخلاص والتعبد، لا مجرد الكسب المالي.
تُفرّق دار الإفتاء بوضوح بين نوعين من المقابل المالي:
الأول: مباح، وهو ما يُدفع في إطار النفقات المترتبة على السفر والإقامة والتنقل، وربما يُضاف إليه شيء من باب العرف مقابل المشقة والجهد.
الثاني: مذموم أو مرفوض، وهو ما يُدفع باعتباره "أجرًا" مباشرًا على أداء الركن الديني، ما يُخرجه من كونه عبادة خالصة إلى شبه تجارية.
ومن هنا، فإن النية والضوابط المحيطة بالاتفاق بين الطرفين هما ما يُحددان مشروعية ما يتم، خاصةً إذا رُوعي فيها ألا يُقدم أحدهم على أداء المناسك دون أن يكون لديه إدراك ديني أو فقه كافٍ بمناسك الحج والعمرة.
المذاهب الفقهية الأربعة أجازت النيابة في الحج عن العاجز أو المتوفى، استنادًا إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي جاء فيه أن امرأة سألت عن أداء الحج عن والدها الكبير في السن، فأجاز لها النبي ذلك، وقال: "أرأيتِ لو كان على أبيكِ دين، أكنتِ قاضيته؟ فاقضوا الله، فالله أحق بالوفاء".
ولكن هذه الرخصة مشروطة بشروط واضحة:
أن يكون النائب قد حج عن نفسه أولًا.
أن تكون النية خالصة لله.
أن تكون الإنابة عن شخص لا يستطيع الحج بنفسه لعذر شرعي دائم أو وفاته.
أن لا تتحول المسألة إلى مجال للكسب المادي دون ضوابط.
وفي المقابل، يرى البعض أن ذلك يُيسر الأمر على من لا يستطيع السفر أو على من توفي له قريب ولم يتمكن من أداء الفريضة، وأن من باب البر أن يستعين بذوي الخبرة لأداء الركن عنه، وهو ما يجعل أهمية الفتوى كبيرة لضبط الميزان الشرعي بين الجواز والانحراف.
بينما رأى فريق آخر أن "المقابل المادي" مهما كانت تسميته يظل غير مقبول في عبادة بمثل قداسة الحج، خاصة إذا تحول الأمر لمهنة أو عمل موسمي يرتزق منه البعض على حساب الفريضة.
وأكدت بعض الأصوات ضرورة أن تكون الرقابة أكبر على هذه الخدمات، سواء من الجهات الدينية أو الحكومية، لتفادي الوقوع في تجاوزات غير مقبولة شرعًا أو أخلاقيًا.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt