تتكرر في الحياة اليومية حوادث المرور التي قد ينتج عنها وفيات، وهنا يظهر سؤال يتردد بين كثيرين: هل يجوز شرعًا الحصول على تعويض مادي نتيجة القتل الخطأ الناتج عن تلك الحوادث؟ وهل هذا التعويض يعد من قبيل الدية الشرعية أم أنه لا يندرج تحت الأحكام الإسلامية؟ هذا السؤال طرحته فئات عديدة على دار الإفتاء المصرية، خاصة مع انتشار شركات التأمين وما تقدمه من تعويضات في مثل هذه الحالات.
دار الإفتاء حسمت الأمر بفتوى واضحة، موضحة فيها الحكم الشرعي للتعويض الناتج عن القتل الخطأ في الحوادث، سواء تم دفعه من طرف مباشر أو من خلال شركات التأمين.
القتل الخطأ هو أن يتسبب شخص في وفاة آخر دون قصد أو نية قتل، ويحدث ذلك عادة في حالات مثل:
حوادث السير بأنواعها المختلفة.
الحوادث الناتجة عن إهمال أو تقصير بدون تعمد.
سقوط أدوات أو آلات أثناء العمل دون قصد.
شرعًا، القتل الخطأ يختلف تمامًا عن القتل العمد أو شبه العمد، وله أحكامه الخاصة التي تنص عليها الشريعة الإسلامية بوضوح.
وفق ما أعلنت دار الإفتاء المصرية، فإن التعويض المادي الناتج عن القتل الخطأ جائز شرعًا، ويعد من قبيل الدية الشرعية إذا توافرت فيه الشروط التالية:
أن يكون التعويض مقابل ما فقده الورثة نتيجة الحادث.
أن يتم دفع المبلغ باتفاق الطرفين أو بموجب حكم قضائي.
أن يُصرف التعويض لمستحقيه الشرعيين مثل الورثة أو أولياء الدم.
وبالتالي، لا يوجد مانع شرعي من حصول أهل المتوفى على تعويض من الجهة المتسببة في الحادث أو من شركة التأمين التي تغطي هذه الأخطار.
نعم، إذا تم الاتفاق بين الطرفين أو صدر به حكم قضائي، يعتبر هذا التعويض بديلا عن الدية الشرعية، خصوصًا في القضايا التي يتم الفصل فيها وفق القوانين الوضعية الحديثة التي تعتمد على تعويضات مالية محددة بدلًا من الديات الشرعية التقليدية.
أوضحت دار الإفتاء أن شركات التأمين التي تدفع تعويضًا في حالات القتل الخطأ الناتج عن حوادث المرور تدخل تحت بند التأمين التعاوني المباح شرعًا، وليس هناك ما يمنع من الاستفادة من تلك التعويضات، بشرط:
ألا تكون المعاملة قائمة على الغرر الفاحش أو الربا.
أن تتم بطريقة رسمية وقانونية معروفة.
أن يكون التأمين على أساس التعاون وليس المغامرة المالية.
الشريعة الإسلامية قائمة على تحقيق العدل، والتعويض المالي في القتل الخطأ يعد وسيلة لجبر الضرر المادي الذي يلحق بورثة المتوفى، خاصة أن الوفاة حدثت دون قصد من الطرف الآخر. ومن ثم:
لا يعتبر أخذ التعويض من قبيل الربا أو الأموال المحرمة.
يدخل ضمن باب المصالح المرسلة التي تحقق العدل وتحفظ الحقوق.
هناك حالات محددة قد يكون فيها التعويض غير جائز شرعًا، منها:
إذا كان المبلغ مشروطًا بطريقة غير شرعية مثل القمار أو الرهان.
إذا تم فرض التعويض ظلمًا على طرف غير مسؤول عن الحادث.
إذا تم استخدام التعويض في أغراض غير مشروعة بعد استلامه.
يُفضل دائمًا عند الاتفاق على تعويض مالي نتيجة القتل الخطأ أن يتم عبر الطرق القانونية الرسمية لضمان حفظ حقوق الجميع.
يجب توزيع المبلغ على مستحقيه حسب قواعد الميراث الشرعي وليس بشكل عشوائي أو حسب العرف فقط.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt