ميكسات فور يو
البيت مقدم على العمل والمرأة مسؤولة عن أولادها شرعًا
الكاتب : Mohamed Abo Lila

البيت مقدم على العمل والمرأة مسؤولة عن أولادها شرعًا

أمين الفتوى: البيت مقدم على العمل والمرأة مسؤولة عن أولادها شرعًا

في ظل التغيرات الاجتماعية المتسارعة، وكثرة الأدوار التي أصبحت تُسند للمرأة سواء داخل بيتها أو خارجه، يثار جدل دائم حول أولويات المرأة بين العمل المهني وبين الواجبات الأسرية، وخاصة في مجال رعاية الأبناء.
وقد حسمت دار الإفتاء المصرية، على لسان أحد أمنائها، هذا الجدل مؤخرًا بتأكيد أن البيت مقدم على العمل، والمرأة مسؤولة عن أولادها شرعًا، وهو ما يُعدّ تأكيدًا على دور الأم المحوري في بناء المجتمع من داخل الأسرة.

هذا التصريح أعاد النقاش حول مسؤوليات المرأة في الشريعة الإسلامية، وحدود التكليف، وأهمية التوازن بين الدور المهني والدور الأسري. في هذه المقالة، نعرض التفاصيل الكاملة لفتوى دار الإفتاء، ونناقش أبعادها الشرعية والاجتماعية والنفسية، ونقدم وجهات نظر متعددة حول ما إذا كان البيت والعمل صراعًا أم توازنًا ممكنًا.



دار الإفتاء تحسم الجدل: البيت أولى من العمل

خلال إحدى حلقات الفتاوى المباشرة عبر الصفحة الرسمية لدار الإفتاء، تلقى أمين الفتوى سؤالًا من سيدة تعمل، لكنها تواجه صعوبة في التوفيق بين عملها ورعاية أطفالها. وكانت إجابته واضحة:

"إذا كان العمل يتسبب في تقصيرك تجاه أبنائك، فالأولوية تكون للبيت، لأنك مسؤولة عن أولادك شرعًا، وهذا مقدم على الكسب المادي".

وأضاف أن الشريعة الإسلامية لا تمنع المرأة من العمل، لكنها تشترط أن لا يتعارض عملها مع مسؤولياتها الأسرية، وخصوصًا رعاية الأبناء والتربية والتوجيه.


المسؤولية الشرعية للمرأة تجاه أبنائها

في الإسلام، رعاية الأبناء مسؤولية مشتركة بين الأب والأم، لكن الأم تحظى بمكانة خاصة في التربية والرعاية اليومية.
وقد قال النبي ﷺ:

"كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها".

ويعني هذا أن مسؤولية المرأة تجاه أبنائها ليست أمرًا اختياريًا، بل هي واجب شرعي تٌسأل عنه يوم القيامة، سواء كانت عاملة أم ربة منزل.


هل الإسلام ضد عمل المرأة؟

لا، الإسلام لا يمنع المرأة من العمل إذا توفرت الشروط التالية:

  1. ألا يُسبب العمل تقصيرًا في حق الزوج أو الأبناء أو المنزل.

  2. أن يكون العمل مشروعًا ومباحًا.

  3. أن تلتزم بالآداب الشرعية في الملبس والسلوك.

  4. أن يتم برضا ولي الأمر أو الزوج في بعض الحالات الخاصة.

وقد عملت النساء في عهد النبي ﷺ في مجالات متعددة، مثل التجارة والطب والتعليم، ومن أبرزهن السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها.


آثار تقديم العمل على الأسرة

في بعض الحالات، تؤدي ضغوط العمل إلى:

  • إهمال الأبناء وتركهم في رعاية الخادمات أو دور الحضانة دون رقابة.

  • تدهور العلاقة الزوجية بسبب قلة التواصل والوقت المشترك.

  • تقصير في التربية والقيم، مما يؤدي إلى انحراف الأبناء في سن المراهقة.

  • إرهاق نفسي وجسدي للمرأة يجعلها غير قادرة على أداء أي من الدورين بشكل جيد.

ومن هنا تأتي أهمية الفتوى التي تضع ميزان الأولوية: إن كان لا بد من الاختيار، فالبيت أولى من العمل.


وجهة نظر اجتماعية: العمل لا يتعارض دائمًا مع الأسرة

يؤكد بعض الخبراء الاجتماعيين أن العمل والبيت ليسا خصمين دائمًا، بل يمكن للمرأة أن تنجح في الجمع بينهما إذا توفرت لها:

  • بيئة عمل مرنة تدعم الأم العاملة.

  • دعم من الزوج والأهل في شؤون الأطفال.

  • تنظيم الوقت وترتيب الأولويات.

  • الاستعانة بمساعدة منزلية موثوقة عند الضرورة.

ويشيرون إلى أن وجود المرأة في سوق العمل يساهم في رفع مستوى المعيشة، ويعزز من استقلالها المالي والمعنوي، ويحقق لها الرضا الذاتي والشعور بالإنجاز.


رأي علم النفس: تأثير غياب الأم على الأطفال

علماء النفس يؤكدون أن السنوات الأولى من عمر الطفل هي الأكثر حساسية في التكوين النفسي والسلوكي. ويؤدي غياب الأم أو عدم تواجدها الكافي إلى:

  • ضعف في الروابط العاطفية بين الطفل والأم.

  • مشكلات في السلوك والانضباط بسبب غياب التوجيه.

  • تراجع في التحصيل الدراسي والانتباه.

  • شعور الطفل بالإهمال أو عدم الأهمية، ما يؤثر على ثقته بنفسه.

لكنهم يوضحون في الوقت ذاته أن الكم ليس أهم من الكيف؛ فقد تكون الأم متفرغة لكن لا تُحسن استغلال وقتها مع أبنائها.


تجارب واقعية: التحدي بين العمل والأمومة

الكثير من النساء العاملات يروين تجارب متنوعة، فمنهن من فضّلت التفرغ للأبناء بعد إنجابهم، مثل إحدى الأمهات التي قالت:

"كنت أعمل مهندسة، لكن بعد إنجابي الثاني شعرت أنني لا أربي أطفالي فعليًا. فقررت التفرغ، رغم أن الدخل انخفض، لكن راحة ضميري لا تُقدر بثمن."

في المقابل، تروي سيدة أخرى تعمل طبيبة:

"عملي جزء مني، لكنه لا يسبق أبنائي. نظمت جدولي اليومي بحيث أعود مبكرًا، وأخصص وقتًا ثابتًا لهم، وأراقب دراستهم بنفسي."


فتاوى أخرى سابقة في نفس السياق

لم تكن هذه الفتوى الأولى من نوعها، فقد صدرت عن كبار العلماء فتاوى مشابهة، مثل:

  • فتوى الأزهر الشريف بأن عمل المرأة جائز ما لم يؤد إلى تقصيرها في حقوق بيتها.

  • فتوى مجمع البحوث الإسلامية بأن المرأة أولى برعاية الأبناء، خاصة في السنوات الأولى.

  • تأكيد مفتي الجمهورية السابق بأن خروج المرأة للعمل جائز، لكن بتقديم واجبات البيت في حال التضارب.


المعادلة الصعبة: كيف تحقق المرأة التوازن؟

التوازن بين العمل والبيت ليس سهلًا، لكنه ممكن مع الوعي والإدارة الحكيمة. إليك بعض النصائح:

  1. اختيار وظيفة ذات وقت مرن أو دوام جزئي.

  2. تحديد أولويات اليوم بوضوح.

  3. الاستعانة بجدول أسبوعي لتنظيم الوقت.

  4. وضع وقت نوعي يومي للأبناء دون تشتيت.

  5. الحصول على دعم الشريك وعدم تحمل كل الأعباء وحدها.

  6. عدم الانسياق وراء ضغوط العمل على حساب الراحة النفسية للأبناء.

تصريح أمين الفتوى ليس تقييدًا للمرأة، بل هو تذكير بأولوية إنسانية وشرعية: أن البيت والأبناء هم الأساس، وأي دور آخر يجب ألا يكون على حسابهم.
ومع أن الواقع يتطلب مساهمة المرأة في العمل أحيانًا، فإن التوازن بين الدورين هو ما يُحدث الفرق. الشريعة لم تُلزم المرأة بالخروج لكسب العيش، لكنها تركت الباب مفتوحًا بشروط تراعي مصلحة الأبناء واستقرار الأسرة.

إن مستقبل الأوطان يبدأ من داخل البيوت، وصلاح الأبناء هو صلاح المجتمع، والمرأة حين تختار بيتها أولًا، فإنها لا تتخلى عن طموحها، بل تختار طريقًا أعظم في الأثر، وأسمى في الجزاء.

التعليقات

لا يوجد تعليقات

اترك تعليق

يجب تسجيل الدخول أولا. تسجيل الدخول

قد يهمك أيضا

تعــرف على ميكسات فور يو
اتصل بنا
سياسة الخصوصية
من نحن
خريطة الموقع
تابعنا علي منصات السوشيال ميديا

جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt

Loading...