تشهد الأسواق المصرية خلال الفترة الحالية تغيرات متسارعة في أسعار العديد من السلع، ويأتي على رأس هذه السلع منتجات التبغ والسجائر، التي تعتبر واحدة من أكثر المنتجات استهلاكًا في السوق المحلي. ويُقدر عدد المدخنين في مصر بالملايين، ما يجعل أي تحرك في أسعار السجائر محل اهتمام شريحة كبيرة من المواطنين من مختلف الأعمار والفئات الاجتماعية.
منذ بداية عام 2025، بدأت الحكومة المصرية في تطبيق خطة شاملة لإعادة هيكلة ضرائب واستهلاك المنتجات التي تؤثر على الصحة العامة، ومنها منتجات التبغ بمختلف أنواعها. وقد تم بالفعل اتخاذ قرارات بزيادة الضرائب المفروضة على السجائر سواء المحلية أو الأجنبية، بهدف تحقيق عدة أهداف، أبرزها رفع إيرادات الدولة وتقليل معدلات التدخين ضمن خطط الحماية الصحية.
في ضوء هذه التغيرات، أصدر عدد من شركات تصنيع وتوزيع السجائر المحلية والأجنبية في مصر قوائم سعرية جديدة تم تعميمها على كافة نقاط البيع والموزعين، بحيث تصبح ملزمة لكل من يعمل في هذا القطاع. هذه القوائم عكست زيادات تراوحت ما بين 15% و30% في بعض الأصناف، وهو ما أثار حالة من الجدل بين المستهلكين، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية.
في هذا التقرير نستعرض بشكل مفصل القائمة الكاملة لأسعار أنواع السجائر في مصر اليوم، مع توضيح الفئات المختلفة، وأسباب الزيادات الأخيرة، وكيفية تأثيرها على السوق والمستهلكين، بالإضافة إلى نظرة مستقبلية حول اتجاه الأسعار خلال الفترة المقبلة.
شهدت السجائر التي تنتجها الشركة الشرقية للدخان زيادات جديدة بحيث أصبح سعر العلبة الواحدة يتراوح بين 48 و55 جنيهًا حسب النوع. وتشمل هذه الأنواع:
كليوباترا بأنواعها المختلفة، بما في ذلك كليوباترا كينج سايز وكليوباترا سوبر.
مونديال الأحمر والأزرق والأنواع المضاف لها نكهات مثل المنتول والبلو بيري.
ماركات محلية أخرى مثل بوسطن وبلمونت.
هذه الزيادة جاءت بعد تعديل فئة الضرائب المفروضة على هذه الأنواع، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج والطباعة والتغليف.
أما بالنسبة للسجائر الأجنبية، فقد شهدت أيضًا زيادات واضحة، لتصبح الأسعار كالتالي تقريبًا حسب ما تم رصده في الأسواق:
مارلبورو بأنواعها: تتراوح بين 95 و105 جنيهات.
ميريت: حوالي 105 جنيهات.
إل آند إم: حوالي 76 جنيهًا.
أنواع تبغ مسخن مثل تريا وهيتس: تتراوح أسعارها بين 69 و80 جنيهًا.
يرجع ذلك إلى ارتفاع الأسعار العالمية واستيراد المواد الخام بالدولار، ما انعكس مباشرة على سعر البيع النهائي في السوق المحلي.
بعض الفئات الأقل سعرًا التي كانت تباع بعبوات صغيرة مثل علبة بوكس اقتصادية تحتوي على 10 سجائر فقط، أصبحت تباع الآن بما يتراوح بين 25 و30 جنيهًا للعبوة. وهي مخصصة لمن يبحثون عن بديل أقل تكلفة نسبيًا ضمن السوق القانوني.
لكن حتى هذه الفئات تأثرت برفع الأسعار بسبب إدخالها ضمن شريحة الضرائب الجديدة، ما يعني أن الزيادة لم تقتصر على السجائر الفاخرة وحدها بل شملت جميع الفئات.
هناك عدة أسباب رئيسية وراء هذه الزيادات في أسعار السجائر بمصر خلال 2025، ويمكن تلخيصها في النقاط التالية:
رفع قيمة الضرائب والرسوم الجمركية المفروضة على منتجات التبغ كجزء من خطة زيادة إيرادات الدولة.
ارتفاع أسعار صرف العملات الأجنبية وخاصة الدولار، مما أثر على أسعار المواد الخام.
التكاليف المتزايدة للإنتاج والطباعة بسبب التضخم المحلي والعالمي.
محاولة محاصرة السوق السوداء التي كانت تبيع بأسعار مبالغ فيها من خلال تقنين الأسعار الرسمية.
شهدت الأيام الأولى بعد إعلان الأسعار الجديدة حالة من الترقب بين المستهلكين، حيث تباينت ردود الأفعال بين من رأى الزيادة منطقية مقارنة بظروف الاقتصاد، وبين من اعتبرها عبئًا إضافيًا.
من الناحية الاقتصادية، يتوقع أن تؤدي هذه الزيادات إلى:
انخفاض معدلات الاستهلاك خاصة بين الشباب وصغار السن.
زيادة الاعتماد على الأنواع الأرخص أو التحول لمنتجات بديلة.
ارتفاع حصيلة الدولة من الضرائب الخاصة بالتبغ.
مع الإعلان عن الأسعار الجديدة، بدأت المحلات والموزعون بتحديث قوائمهم السعرية بما يتماشى مع الأسعار التي تم تعميمها رسميًا. ورغم محاولة بعض التجار رفع الأسعار بشكل أكبر لتحقيق هامش ربح إضافي، إلا أن الحملات الرقابية التي تم الإعلان عنها مؤخرًا لعبت دورًا في ضبط هذه المخالفات.
أكدت الجهات الرقابية أنها ستتابع بشكل دوري التزام كافة المنافذ بالأسعار الرسمية، مع تطبيق غرامات فورية على من يتلاعب بالأسعار.
كثير من المستهلكين بدأوا في البحث عن بدائل لتقليل التكلفة الشهرية التي يتحملونها نتيجة التدخين. ومن هذه البدائل:
التحول إلى الأنواع الأرخص وإن كانت ذات جودة أقل.
تقليل عدد السجائر التي يتم استهلاكها يوميًا.
الاتجاه لمنتجات بديلة مثل السجائر الإلكترونية، رغم أن تكلفتها الأولية قد تكون مرتفعة.
وفي حالات أخرى، قرر بعض المدخنين بالفعل استغلال الفرصة للتوقف عن التدخين بشكل نهائي باعتبار أن زيادة السعر قد تكون حافزًا صحيًا.
بالنظر إلى القرارات الأخيرة، يتوقع خبراء الاقتصاد أن تشهد أسعار السجائر زيادات دورية خلال السنوات القادمة بمعدلات تتراوح بين 10% و12% سنويًا. هذه الزيادات ستكون جزءًا من خطة الدولة في إعادة تسعير المنتجات الاستهلاكية الضارة بالصحة كجزء من خطط إصلاح اقتصادي وصحي متكامل.
لكن في نفس الوقت، هناك توجه لضبط السوق ومنع الانفلات السعري من خلال تحديد حدود قصوى للأسعار المسموح بها.
رغم أن التدخين يعد عادة شائعة بين فئات كثيرة من المجتمع المصري، إلا أن هذه الزيادات المتكررة تمثل دعوة غير مباشرة لإعادة التفكير في جدوى الاستمرار فيها، سواء على المستوى الاقتصادي أو الصحي.
مع كل زيادة في السعر، يصبح اتخاذ قرار الإقلاع عن التدخين أمرًا أكثر واقعية للعديد من الأشخاص الذين يجدون في ارتفاع الأسعار فرصة لتغيير نمط حياتهم.
في النهاية، تبقى السجائر منتجًا اختياريًا وليس من الضروريات، ويظل القرار بيد المستهلك في كيفية التعامل مع هذه التغيرات سواء بالاستمرار أو التوقف أو تقليل الكمية.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt