خلال الأيام الماضية، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي أخبار مثيرة للجدل حول ما أُشيع عن "إجبار" طلاب الثانوية العامة في مصر على الدخول في نظام جديد وهو نظام البكالوريا الدولي. هذه الأخبار خلقت حالة واسعة من القلق بين الطلاب وأولياء الأمور، خصوصًا مع قرب انطلاق العام الدراسي الجديد، حيث يخشى الكثيرون من أي تغيير مفاجئ قد يؤثر على مستقبل أبنائهم في التعليم الجامعي.
وزارة التربية والتعليم لم تتأخر في الرد، إذ أصدرت بيانات رسمية وأوضحت تفاصيل ما يجري تداوله، لتضع النقاط فوق الحروف بشأن صحة أو خطأ هذه المعلومات، ولتطمئن الأسر المصرية بأن مستقبل أولادهم لن يكون محل "تجارب" عشوائية كما يروج البعض.
بدأت القصة حينما تداولت بعض الصفحات على فيسبوك وتويتر أخبارًا تقول إن وزارة التربية والتعليم تخطط لإلغاء نظام الثانوية العامة التقليدي تدريجيًا، واستبداله بما يسمى "البكالوريا الدولية"، وأن جميع الطلاب سيتم "إجبارهم" على دخول هذا النظام ابتداءً من العام الدراسي الجديد.
هذه الشائعة وجدت أرضًا خصبة للانتشار، خاصة وأن الطلاب وأولياء الأمور ما زالوا متأثرين بالتغيرات التي شهدتها الثانوية العامة في السنوات الأخيرة، مثل إدخال نظام البابل شيت، ونظام الأسئلة الموضوعية، والتصحيح الإلكتروني. وبالتالي كان من السهل أن تتسع دائرة القلق مع أي خبر جديد يمس هذا الملف الحساس.
وزارة التربية والتعليم نفت بشكل قاطع صحة ما تم تداوله. وأكدت أن نظام البكالوريا لم يتم اعتماده بشكل رسمي ليكون بديلًا للثانوية العامة التقليدية، وأن ما يجري الحديث عنه هو مجرد "دراسات تجريبية" في بعض المدارس الدولية والخاصة فقط، وليس على مستوى الجمهورية.
وأضافت الوزارة أن أي تغيير جذري يخص منظومة التعليم، خاصة الثانوية العامة، لن يتم إلا بعد دراسات معمقة ومناقشات واسعة مع جميع الأطراف المعنية، بداية من مجلس الوزراء وصولًا إلى مجلس النواب، لضمان وجود توافق كامل قبل اتخاذ أي خطوة.
البكالوريا الدولية (IB) هو برنامج تعليمي عالمي معتمد في أكثر من 150 دولة، يهدف إلى تنمية مهارات الطلاب بشكل متوازن بين الجانب الأكاديمي والمعرفي والجانب العملي. يركز هذا النظام على التفكير النقدي، والبحث العلمي، والتعلم المستقل، إلى جانب اللغات والأنشطة الفنية والرياضية.
من أبرز خصائص هذا النظام:
اعتماده على التقييم المستمر وليس الامتحان النهائي فقط.
تنوع المواد بين أكاديمية وعملية وفنية.
تشجيع الطالب على تقديم أبحاث ومشاريع بشكل دوري.
تطوير المهارات الحياتية مثل القيادة والعمل الجماعي.
ورغم مزاياه الكبيرة، إلا أن تطبيقه يتطلب تجهيزات ضخمة سواء في البنية التحتية أو تدريب المعلمين، فضلًا عن التكلفة المرتفعة التي قد لا تكون مناسبة لكل الأسر.
يرى خبراء التعليم أن السبب في انتشار الشائعة مرتبط بعدة عوامل:
تجارب سابقة للتطوير: مثل تغيير نظام الامتحانات، وهو ما جعل الناس يتوقعون دائمًا وجود "قرارات مفاجئة".
اهتمام الدولة بتطوير التعليم: حيث أعلنت الوزارة أكثر من مرة عن سعيها لمواكبة النظم التعليمية العالمية.
غياب المعلومات الدقيقة أحيانًا: ما يفتح الباب أمام صفحات التواصل الاجتماعي لنشر أخبار غير دقيقة تثير البلبلة.
القلق كان سيد الموقف. فمع انتشار الشائعة، عبر كثير من أولياء الأمور عن استيائهم على منصات التواصل. بعضهم قال إن الدولة لا يجب أن "تجرب" أنظمة جديدة على الطلاب في هذه المرحلة الحساسة. آخرون اعتبروا أن البكالوريا قد تكون فكرة جيدة لكنها تحتاج وقتًا طويلًا للتحضير.
واحدة من الأمهات كتبت على فيسبوك: "ابني داخل تالتة ثانوي، هل يعقل أغير له النظام دلوقتي وأقول له هتمتحن على طريقة مختلفة؟ دا ظلم". بينما كتب ولي أمر آخر: "لو عايزين تطبقوا البكالوريا يبقى تبدأوا من أولى ابتدائي مش من الثانوية".
عدد من الخبراء التربويين أوضحوا أن البكالوريا الدولية بالفعل من الأنظمة المتقدمة عالميًا، لكنها ليست سهلة التطبيق في بلد بحجم مصر. فهي تحتاج إلى:
تدريب مكثف للمعلمين.
تجهيز المدارس بمكتبات ومعامل متطورة.
تغيير ثقافة الطلاب وأولياء الأمور تجاه التعليم.
وأشار الخبراء إلى أن الأفضل أن يكون تطبيقها بشكل تدريجي في مدارس محددة كنموذج تجريبي، مع تقييم النتائج أولًا، قبل تعميمها.
الطلاب بدورهم انقسموا. فالبعض رأى أن فكرة البكالوريا قد تكون أكثر عدلًا لأنها لا تعتمد فقط على امتحان واحد يحدد مصيرهم، بينما عبر آخرون عن قلقهم من أن يكون النظام أصعب ويتطلب جهدًا مضاعفًا.
طالب في الصف الثاني الثانوي قال: "لو البكالوريا معناها أن التقييم مش بس في الامتحان النهائي فأنا موافق، لكن لو أصعب من المناهج الحالية يبقى لأ".
واحدة من النقاط التي أثارت القلق أيضًا: كيف سيتم التعامل مع نتائج البكالوريا إذا طُبق في مصر؟ هل الجامعات المصرية ستعترف به؟ وهل سيكون له نظام تنسيق خاص؟
وزارة التعليم العالي من جانبها أكدت أنها لم تتلق أي مقترحات رسمية بشأن تغيير نظام القبول الجامعي بناءً على البكالوريا، وأن النظام الحالي مستمر كما هو.
في النهاية، يمكن القول إن كل ما تم تداوله مجرد شائعة لم تستند إلى أي قرار رسمي. وزارة التربية والتعليم أكدت أن نظام الثانوية العامة التقليدي مستمر، وأن أي أفكار جديدة مثل البكالوريا ستكون محل دراسة وتقييم طويل قبل التفكير في تطبيقها، مع مشاركة جميع الجهات المعنية.
لا يوجد قرار بإجبار طلاب الثانوية العامة على نظام البكالوريا.
ما يتم تداوله مجرد شائعة.
النظام التعليمي المصري يخضع بالفعل لتطوير مستمر، لكن بشكل تدريجي ومدروس.
البكالوريا الدولية قد تكون خيارًا في المستقبل لكنها ليست قرارًا مطروحًا الآن على نطاق عام.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt