في إطار جهود الدولة المصرية لتنظيم سوق العقارات وتحقيق الضبط القانوني للمعاملات، جاءت التعديلات المقترحة في القانون الموحد للعقارات لتضيف فصلاً خاصًا بالعقوبات، وعلى رأسها تلك المتعلقة بـ إتلاف أو إخفاء بطاقات التعريف العقاري، والتي تُعد من الوسائل الرئيسية التي تعتمد عليها الدولة في إثبات الملكية، وتحديد وضعية الوحدات السكنية أو التجارية.
وبحسب الصيغة المقترحة، فإن إتلاف بطاقة التعريف أو التلاعب بها قد يؤدي إلى عقوبات صارمة تشمل الغرامة والحبس والمنع من التصرف في العقار، ما يعكس الجدية التي تتعامل بها الحكومة مع أي انتهاك لمنظومة التوثيق العقاري الجديدة.
بطاقة التعريف العقاري هي وثيقة رقمية ورقية تحتوي على كود فريد يعرّف العقار داخل المنظومة الموحدة لتسجيل الملكيات، وقد تم اعتماد هذا النظام بهدف:
توحيد البيانات بين الجهات الحكومية مثل الشهر العقاري والمحليات والكهرباء.
تسهيل نقل الملكية إلكترونيًا.
منع التزوير أو الازدواجية في تسجيل الوحدات.
يتم إلصاق هذه البطاقة على واجهة العقار أو مدخل الوحدة، وتتضمن معلومات مثل الرقم القومي للعقار، موقفه القانوني، حالته من حيث التراخيص، ومساحته الدقيقة.
وفقًا للمقترح الرسمي المقدم من وزارة العدل بالتنسيق مع مجلس الوزراء، جاءت العقوبات على النحو التالي:
يُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات كل من يتعمد إتلاف بطاقة التعريف العقاري.
غرامة مالية تصل إلى 100 ألف جنيه مصري، وقد تضاعف في حالة تكرار المخالفة أو إذا نتج عنها ضرر لجهة رسمية أو ضياع حق مملوك للدولة أو للأفراد.
إذا تم نزع البطاقة أو إخفاؤها دون إتلاف، يُعاقب المخالف بغرامة تبدأ من 20 ألف جنيه، مع إلزامه بإعادة تثبيت البطاقة على نفقته.
وفي حال تكرار الواقعة، يمكن أن تُوقّع عليه عقوبة منع مؤقت من نقل الملكية أو التصرف في العقار لمدة لا تقل عن 6 أشهر.
يُلزم المخالف بدفع تعويضات مالية في حال تسبب الإتلاف أو الإخفاء في تأخير بيع العقار أو تأخير إتمام عملية تسجيل قانونية.
في حالة العقارات التجارية أو الوحدات المؤجرة، قد يمتد أثر المخالفة إلى المستأجرين المتضررين من التعطيل الإداري.
تسعى الدولة من خلال هذه العقوبات إلى تحقيق عدد من الأهداف الإستراتيجية، أهمها:
تحقيق العدالة في التعاملات العقارية ومنع التلاعب بالمستندات الرسمية.
فرض الانضباط المؤسسي وضمان جاهزية العقارات للتسجيل والتعامل.
تشجيع المواطنين على التعاون مع الجهات الرسمية، خاصة في ظل التوجه نحو الرقمنة الكاملة.
شهدت مصر في السنوات الماضية عددًا من الجرائم المتعلقة بتزوير المستندات أو التلاعب في أوراق الملكية، وكان من أبرزها:
بيع وحدات مكررة لأكثر من شخص.
تسجيل عقارات بأسماء غير حقيقية.
امتناع البعض عن استكمال إجراءات التسجيل لإخفاء مخالفات إنشائية.
وقد دفعت هذه الوقائع الدولة إلى تعزيز قوانين الردع من خلال تغليظ العقوبات وربطها مباشرة بأي تعطيل لمنظومة التوثيق العقاري، والتي تتضمن بطاقة التعريف كعنصر أساسي.
لحماية نفسه من التورط في مخالفة عقارية، يجب على كل مالك عقار أو مستأجر اتباع التعليمات التالية:
عدم العبث ببطاقة التعريف العقاري أو محاولة تغيير موضعها دون الرجوع للجهة المختصة.
الإبلاغ الفوري عن أي سرقة أو تلف للبطاقة من خلال تطبيق «العقارات المصرية» أو بوابة مصر الرقمية.
التعاون مع اللجان المحلية أو مأموري التسجيل العقاري عند الفحص الدوري للمباني.
تم تكليف المحافظات والجهات التابعة لوزارة الإسكان بتشكيل لجان متابعة على مستوى الأحياء والمراكز لرصد أي محاولة للتلاعب أو إتلاف البطاقات، حيث سيتم:
تحرير محاضر رسمية بالمخالفة.
توثيق الواقعة من خلال التصوير والفحص.
مخاطبة الجهات القضائية لاتخاذ الإجراء القانوني المناسب.
ويتم ذلك بالتعاون مع مأموريات الشهر العقاري وأقسام الشرطة المختصة في كل منطقة.
يمثل هذا التحرك التشريعي رسالة طمأنة للمستثمرين الجادين، حيث يضمن:
تقليل مخاطر التزوير.
وضوح إجراءات التعاقد.
سرعة تسجيل المشروعات وبيع الوحدات بأمان قانوني.
كما يساعد في تسهيل الحصول على التمويلات البنكية، حيث ستُعد بطاقة التعريف مستندًا موثوقًا يُعتد به عند التقييم العقاري أو الرهن.
إن التعديلات المقترحة في القانون الموحد للعقارات، خاصة فيما يتعلق بعقوبات إتلاف بطاقة التعريف العقاري، تعكس توجهًا قويًا من الدولة نحو منظومة أكثر شفافية وعدالة في توثيق الأملاك. ومع دخول هذه النصوص حيز التنفيذ، يُتوقع أن تقلّ حالات التزوير والمخالفات، وأن تتعزز ثقة المواطنين والمستثمرين في النظام العقاري المصري.
وستبقى المتابعة الدقيقة والتطبيق الصارم هما الأساس في نجاح هذا التحوُّل، إلى جانب توعية الجمهور بمسؤولياتهم القانونية ودورهم في حماية ممتلكاتهم وحقوقهم.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt