شهدت الفترة الأخيرة تحركات ملحوظة في أسعار الكهرباء، حيث أعلنت الجهات المعنية عن زيادات جديدة قد تصل إلى نحو 15%، وهو ما أثار جدلًا واسعًا في الأوساط الشعبية والاقتصادية. وجاءت هذه الزيادة مدفوعة بعدة عوامل رئيسية، أبرزها ارتفاع سعر الدولار في السوق المحلية، إلى جانب الخسائر الناتجة عن سرقات التيار الكهربائي التي تتسبب في استنزاف موارد شركات الكهرباء، ما يدفع الحكومة لاتخاذ إجراءات لتعويض الفاقد وتحقيق التوازن المالي.
في هذا التقرير نستعرض بشكل تحليلي أسباب الزيادة، حجمها، الفئات المتأثرة، وتأثيرها على الاقتصاد والأسرة المصرية، بالإضافة إلى ردود الفعل الرسمية والشعبية.
أعلنت وزارة الكهرباء عن جدول جديد لشرائح الاستهلاك، يتضمن زيادة تدريجية تبدأ من أقل شرائح الاستهلاك وحتى الشرائح الأعلى. وتتراوح نسبة الزيادة بين 10% و15%، وفقًا لاستهلاك كل فئة، مع إعفاء محدودي الدخل من الزيادات الكبيرة من خلال دعم نقدي موجه أو تخفيف الشرائح الأولى.
الزيادات تم تطبيقها اعتبارًا من أول يوليو 2025، وستظهر آثارها في فواتير الكهرباء الجديدة الصادرة خلال الأيام المقبلة.
تشير تحليلات اقتصادية إلى أن هناك سببان رئيسيان يقفان وراء القرار:
تستورد وزارة الكهرباء مكونات كثيرة لمحطات التوليد والصيانة، كما أن جزءًا كبيرًا من عقود صيانة المعدات وشراء الوقود يتم بالدولار.
ومع ارتفاع سعر الصرف في الشهور الأخيرة، ارتفعت التكلفة التشغيلية، مما اضطر الحكومة لرفع الأسعار.
أكدت الوزارة أن خسائرها بسبب سرقة التيار تجاوزت حاجز الـ6 مليارات جنيه سنويًا.
هذه السرقات تتم في المناطق العشوائية والريفية بشكل أكبر، ما يؤدي إلى زيادة الأحمال وتراجع الإيرادات.
رغم محاولات الحكومة لتوزيع الزيادة بشكل عادل، إلا أن هناك شرائح محددة ستشعر بثقل القرار:
أصحاب المحال التجارية والمشروعات الصغيرة.
الطبقة المتوسطة، خاصةً في المدن الكبرى.
الأسر التي تعتمد على الأجهزة الكهربائية بشكل مكثف.
وفي المقابل، تحاول الحكومة الحفاظ على دعم الفئات الأكثر احتياجًا، من خلال إبقاء الشرائح الأولى بزيادات طفيفة.
حسب ما أعلنته وزارة الكهرباء، فإن أسعار الشرائح جاءت على النحو التالي:
الشريحة الأولى (حتى 50 ك.و.س): من 58 إلى 64 قرشًا.
الشريحة الثانية (51 – 100 ك.و.س): من 68 إلى 75 قرشًا.
الشريحة الثالثة (101 – 200 ك.و.س): من 77 إلى 88 قرشًا.
الشريحة الرابعة (201 – 350 ك.و.س): من 106 إلى 120 قرشًا.
الشريحة الخامسة (351 – 650 ك.و.س): من 128 إلى 140 قرشًا.
الشريحة السادسة (أعلى من 650 ك.و.س): من 145 إلى 160 قرشًا.
تفاوتت آراء المواطنين بين القلق والتذمر ومحاولة التكيّف مع الوضع الجديد. البعض رأى أن الزيادة أصبحت عادة سنوية، بينما عبّر آخرون عن تخوّفهم من تأثيرها على ميزانية الأسرة، خصوصًا في ظل ارتفاع أسعار باقي السلع والخدمات.
في المقابل، أكدت وزارة الكهرباء أن الفئات غير القادرة سيتم تعويضها عبر برامج حماية اجتماعية.
أعلنت الحكومة عن خطة موسعة بالتعاون مع وزارة الداخلية، تتضمن:
تكثيف الحملات الرقابية على المناطق التي تكثر فيها سرقة التيار.
تركيب عدادات مسبقة الدفع في المناطق التي تشهد اختراقات مستمرة.
تغليظ العقوبات على المتورطين في سرقة التيار، سواء أفراد أو شركات.
تهدف هذه الإجراءات إلى تقليل نسبة الفقد الفني والمالي، وضمان العدالة في توزيع تكلفة الكهرباء على جميع المواطنين.
تشير التقديرات إلى أن الزيادة الجديدة ستساعد الحكومة في:
تقليل الدعم الموجه للكهرباء.
تحقيق وفورات مالية للموازنة العامة.
توجيه الأموال إلى مجالات أخرى كالصحة والتعليم.
لكن هذه الخطوة تأتي أيضًا وسط ضغوط اقتصادية على المواطنين، ما يجعل التوازن بين الإصلاح والدعم ضرورة ملحة.
لمواجهة تأثير الزيادة، يمكن للأسر والمواطنين اتباع عدة نصائح لترشيد استهلاك الكهرباء:
إغلاق الأجهزة غير الضرورية.
استخدام اللمبات الموفرة للطاقة.
الاعتماد على الإنارة الطبيعية نهارًا.
استخدام الأجهزة المنزلية في الأوقات غير الذروة.
تركيب عدادات ذكية تساعد على مراقبة الاستهلاك.
يتوقع بعض الخبراء أن تكون هذه الزيادة الأخيرة خلال 2025، إذا لم تحدث تطورات جديدة في سعر صرف الدولار أو في أسعار الطاقة العالمية.
لكن البعض الآخر يرى أن برنامج الإصلاح الاقتصادي قد يستلزم زيادات جديدة في المستقبل، خاصةً مع استمرار تحرير أسعار الطاقة.
طرحت الحكومة عدة بدائل قد تساعد في تقليل العبء، منها:
التوسع في تركيب محطات الطاقة الشمسية للمنازل.
تشجيع الصناعات على التحول إلى الطاقة المتجددة.
إطلاق مبادرات مجتمعية للتوعية بترشيد الاستهلاك.
ارتفاع أسعار الكهرباء بنسبة تصل إلى 15% جاء في إطار ضغوط مالية تواجهها الحكومة بسبب ارتفاع سعر الدولار وسرقات التيار المستمرة، مما دفع وزارة الكهرباء إلى اتخاذ هذه الخطوة لضمان استمرارية تقديم الخدمة بالكفاءة المطلوبة.
ومع أن القرار قد يكون صعبًا على المواطن، إلا أنه يأتي ضمن خطة إصلاح أوسع تهدف لتحقيق التوازن بين تقديم خدمة مستقرة وضمان العدالة في توزيع الأعباء.
الحكومة مطالبة حاليًا بتكثيف الجهود لدعم محدودي الدخل، وفي نفس الوقت مكافحة الفاقد وتقديم حلول بديلة لترشيد الاستهلاك. المواطن بدوره مطالب بالتكيّف والمشاركة في بناء نموذج اقتصادي مستدام، حتى تعود المنفعة على الجميع في الأجل الطويل.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt